صابر سكر يكتب: ترامب وترويج المستحيل لتحقيق المخطط


السياسة الخارجية والدبلوماسية الناعمة هي فن الترويج لما يبدو مستحيلًا، وتحقيق أكبر قدر من الأهداف المخطط لها، مع تقديم وعود مستقبلية بتحقيق الأفضل.
أما دونالد ترامب، فهو يفتقر إلى هذه المهارات، لكنه يعمل وفق مخطط غربي شامل للمنطقة، تم إعداده مسبقًا من قبل الكيان الصهيوني الماسوني، بالتعاون مع بعض الدول العربية حديثة العهد بالساحة الدولية والثراء العالمي هذه الدول لم يكن لها وزن يُذكر في ميزان القوى، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، لا من الناحية الحضارية، ولا التراثية، ولا حتى من حيث الحقوق التاريخية.
ترامب يلوّح بوعود يعلم جيدًا أنها لن تتحقق، أو حتى بجزء منها، في ظل الرفض الشعبي العربي والإفريقي لهذا المخطط الماسوني الصهيوني. حتى لو وافقت بعض الأنظمة العربية الساعية للتطبيع على هذه الخطط، فذلك لا يعني قبولها الشعبي، إذ إن بعض هذه الأنظمة تسعى فقط للحفاظ على كراسي الحكم، رغم الأزمات الداخلية والخارجية التي تواجهها.
أما الدول ذات الحضارة العريقة والتاريخ الراسخ، فلن تخضع لسياسات ترامب المتسرعة والمتهورة، التي لا تعكس سوى سلوك رجل متعجرف وسطحي، يسعى فقط لتحقيق مكاسب آنية من بقايا نظام دولي متهاوٍ.
التاريخ والحاضر والمستقبل يرفضون هذه المخططات رفضًا قاطعًا، وأكبر شاهد على ذلك هو المشهد البطولي لأهالي قطاع غزة، الذين يعودون إلى أرضهم رغم الدمار والخراب، في مسيرة تشبه الحجيج يوم عرفة، وسط حشود هائلة تعكس قوة الإرادة والصمود.
ترامب، بلسان الكيان الصهيوني الماسوني، يسعى لتحقيق الآتي:
يستند ترامب إلى منهجية موثقة في كتابه "فن الصفقات"، حيث يتبع أسلوب إثارة الفوضى والجدل، والتلويح بالقوة لتحقيق مكاسب تفاوضية من موقع قوة استراتيجيته تقوم على إشاعة الأزمات، ثم الانتظار لمعرفة من سيخضع أو يستسلم، ومن ثم فرض شروطه وتحقيق مكاسب جديدة غير واضحة للعيان.
في الوقت الحالي، يسعى ترامب لخلق أزمات اقتصادية عالمية، بهدف إيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية المحلية في بلاده، خاصة مع اقتراب موعد مناقشة الميزانية ورفع سقف الدين، الذي بلغ 36 تريليون دولار، وسط معارضة من الديمقراطيين وحتى بعض الجمهوريين. ولذلك، يعمل على إبرام صفقات تدعم الخزانة الأمريكية، في ظل تراجع أداء الاقتصاد الأمريكي مقارنةً بالصين والهند، اللتين تكسبان مزيدًا من النفوذ يومًا بعد يوم.
في النهاية، هو بحاجة إلى تمويل مستمر، وبعد ذلك سيفاوض لتحقيق أهداف أخرى. جميع السيناريوهات تبقى مطروحة، ولكن دولًا بحجم مصر، تحسب حساباتها جيدًا، ورغم الضغوط المتوقعة، فإنها قادرة على تجاوزها، فقد شهدت عبر تاريخها الممتد لسبعة آلاف عام تحديات أصعب.
أما أرض فلسطين، فهي ليست محل تفاوض الشعب الفلسطيني ليس مغتصِبًا أو محتلًا حتى يُهجَّر، بل هو صاحب الأرض، ومساعي فرض الانتداب الأمريكي مرفوضة تمامًا.
في النهاية، ترامب قدّم وعودًا لنتنياهو، وسنرى كيف ستنتهي هذه الصفقة، لكن هذا لا ينفي أن المواجهة قادمة لا محالة، والصدام قد يؤدي إلى حرب، سواء الآن أو بعد مئة عام، رغم أن كل المؤشرات تؤكد اقترابها.
الشعب المصري عبّر بصوت واضح عن رفضه القاطع لكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية وتهجير شعبها إلى مصر، مؤكدًا استعداده للدفاع عن حدوده وأرضه ومقدراته جنبًا إلى جنب مع جيشه، في وجه أي مخططات تهدد الأمن القومي.