محمد عبد اللطيف يكتب: شركة عقارية تبيع الوهم بزعم ملكيتها لأرض دولة
خط أحمرنحن أمام قضية من فرط خطورتها علي سمعة الاستثمار العقاري، لا تحتمل ترف كتابة المقدمات، ولا رفاهية تزويق المفردات، إنما تحتاج للصراخ بأعلي صوت، لفضح المتورطين فيها، بل ومحاكمة كل مسؤول، رأي وسمع، ولم يحرك ساكناً، وظل غافلاً عن إدراك حجم الكارثة وتداعياتها.
فالتفاصيل كاشفة عن العبث الذي تخطي حدود الوصف، فقبل الغوص .. أود التأكيد علي أن الكتابة في هذا النوع من القضايا، مثل المشي في حقول ألغام بلا خرائط، فان لم تَتمزق قدماي، سَتدمي أصابعي، أو يصيبني الهلع من هول ما اختبأ بين سطور الأوراق من كوارث .
يا سادة .. لو كان قطاع التطوير العقاري،لا يخلو من الفهلوية، وأساليب "اخطف واجري" ، مثل بقية القطاعات الأخري وفي غالبية المجالات، لكننا في هذه القضية، وجدنا أنفسنا أمام نموزج صارخ للعبث، يفوق في بشاعته قدرة العقل علي التصور، ابتداءاً من بيع الوهم للحالمين بتملك وحدات في مدينة العلمين الجديدة، و تحصيل مليار ومائتي مليون جنيه من حاجزي الوحدات، بحسب المتداول، و بحسب مئات الحاجزين الذين استغاثوا بكبار المسؤولين في الدولة ، لإنقاذ مدخراتهم من الضياع، و كل هذا عرف به شريف الشربيني وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، وعلم به مصطفي مدبولي رئيس الحكومة، وليس انتهاءاً بزعم امتلاك أراضي المشروع، بخلاف الحقيقة، إضافة الي التعاقد مع شركات مقاولات علي أساس تلك المزاعم، رغم أن الأرض مملوكة لجهات حكومية، نعم مملوكة لجهات حكومية، والشركة نفسها "نيو جيرنيشن" كانت طرف في التعاقد مع الجهات المالكة، ومثلها قانوناّ عاصم محمود فاضل رئيس مجلس ادارتها، وهنا يقفز السؤال ، كيف اصبحت الشركة مالكة لأرض المشروع ؟ ومتي حدث ذلك؟،فهل فبركت أوراق ملكية، وبموجبها تعاقدت مع الشركة المصرية الهندسية للانشاءات والتجارة ، أم ماذا؟ .
ببساطة شديدة .. مضمون القصة يقول ، أن جهاز مدينة العلمين وجهة حكومية تمتلكان قطعة أرض في العلمين الجديدة ، مساحتها 36 فدان، وتم الاتفاق مع شركة الصيحة للتطوير العقاري، ومعها شركة "نيو جيرنيشن" العاملة بذات النشاط لتطوير المساحة، الي هنا يبدو الأمر عادي، بل وطبيعي جداً، وبموجب التعاقد مع الجهات المالكة للأرض، تم طرح المشروع للمقاولين للتنفيذ، والاعلان عن حجز الوحدات للجمهور، وكل هذا بمعرفة شركة "نيوجيرينشن" كمطور عقاري، وكمالك لأرض المشروع بحسب العقود، التي تحتاج فتح تحقيق رسمي وعاجل ، لأننا أمام واقعة تدليس واضحة، لا لبس فيها ، علي أي حال ، أسندت اعمال المقاولات ، وتم فتح باب الحجز ، الا أن المطور العقاري، لم يف بالتزاماته تجاه المقاولين ، وكل ما تكلفه لافتة علي الارض ليفتح باب الحجز ، وعندما أدركت الجهة المالكة أن المطور العقاري لا يقوم بالانجاز، ولا يفي بالاتفاق، فقامت بطرده وطرد المقاولين من المشروع ، وحسناً فعلت الجهة الحكومية،حتي لا يتورط آخرون يحلمون بتملك وحدة، لمجرد وجود لافتة تخص الشركة ، وحتي لا يتورط مقاول آخر ، ينفق بلا عائد لمجرد الزعم بملكية الأرض .
يا سادة .. أن مثل هذه التصرفات، وان وجدت طريقها الي المحاكم ، لكنها تعرقل استراتيجية الدولة للتنمية، خاصة مدينة العلمين الجديدة، التي قامت بتطهيرها من الألغام، بغرض إقامة مشروعات اقتصادية و مجتمعات عمرانية واعدة،وجاذبة للاستثمار المحلي و الأجنبي، ورغم تلك التوجهات،نجد أن هناك من يشوه عمداً سمعة الاستثمار، ويسئ لقطاع التطوير العقاري ،و يضع الألغام في طريق الحالمين بتملك وحدة في "درة" شواطئ البحر الأبيض المتوسط .
لدي هؤلاء كل شئ مباح التربح، التزوير ، تشويه سمعة الاستثمار، و كله "عيني عينك" من دون حياء أو خجل، بزعم أن هناك من يحميهم، لكن فات هؤلاء من فرط "الفُجر"، أن يتوقفوا، ولو لحظة عابرة، أمام حزمة من الحقائق الدامغة، والتي لا تخفي علي أحد في بر مصر ، مفادها أن تباهي البعض بالنفوز ، أو القدرة علي الإفلات من المسائلة ، ليس سوي أوهام وخيالات لا قيمة لها، لأن الدولة قوية، ولن تحمي عابث، مهما عَلا أو قَل شأنه، ومهما كان حجم علاقاته في دوائر السلطة، فلن يكون الفهلوية، أكثر قوة، أو أكثر نفوذ من وزير، تم القبض عليه من داخل مكتبه في الوزارة، و لا أكثر أهمية من سيدة تتولي منصب محافظ، وهما في السجن الآن، فضلاً عن رجال أعمال من الوزن الثقيل، أكرر مرة أخري، رجال أعمال من الوزن الثقيل، انحرفوا عن المسار الصحيح، فنالوا جزاءهم ، ومسؤولين في العديد من القطاعات يحاكمون، و مُحالون الي جهاز الكسب غير المشروع، وهذا دليل قاطع، لا يقبل الشك علي قوة الدولة،ويقظة مؤسساتها و دليل قاطع، أيضاً، علي توافر الإرادة السياسية لمواجهة الفساد ، الذي يعرقل مسيرة تطور المجتمعات بالضبط مثل الإرهاب ، فالفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة .