المهندس السيد طوبا يكتب.. الكراسي الموسيقية


تذكرت لعبة الكراسي الموسيقية مع سماعي بقرب حدوث تعديلات وزارية وإعلامية ضخمة على لسان رئيس مجلس النواب وذلك بالطبع كرد فعل على تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات والذى أشار إلى زيادة معدلات الفقر بعد قرارات الحكومة الصارمة ومن وجهة نظرى فإن أهم أسباب الاحتقان الشعبى يرجع إلى اتساع الفجوة بين الغنى والفقير وفشل الحكومات المتعاقبة فى القضاء على الاقتصاد المواز الذى يشكل أكثر من نصف الاقتصاد القومى.
وجميعنا يعلم أن هناك العديد من التجار لا يعترفون بالبنوك الوطنية ولا يتعاملون إلا بالأموال النقدية ومعظمها مركز فى الأقاليم والأرياف وهناك أثرياء ومليارديرات لم تطرق أبوابهم مصلحة الضرائب وعجزت الحكومة عن حصرهم وتقنين معاملاتهم المالية الضخمة وتحصيل حق الدولة منهم فإذا أضفنا إلى ذلك تضخم الدين الخارجى إلى ما يفوق المائة مليار دولار والداخلى إلى ما يزيد عن الثلاثة تريليونات جنيه فيصرخ الوطنيون عمن سيسدد تلك الديون والتى تلتهم فوائدها فقط ثلاثة أرباع الدخل القومى.
وهناك العديد من الخطايا التى طالما كتب عنها الشرفاء وحذروا منها مثل التوسع الغير مدروس فى إنشاء مدن جديدة وقيام شركات الدولة بطرح وحدات فاخرة بأرقام خيالية تستفز مشاعر الناس والترف فى إنشاء مجمعات حكومية ومقار رئاسة الوزراء بالعاصمة الجديدة والعلمين ينفق عليها ببذخ فى الوقت الذى تنادى فيه الحكومة الشعب بربط الأحزمة وتحمل القرارات الموجعة ولكن ازاء الاحتقان المتولد ينتبه مجلس النواب الموقر ونوابه ممثلى الشعب أصحاب الموافقات بالأغلبية على كافة إجراءات الحكومة وقوانينها المقدمة للاعتماد ويصحو من غفلته ليعلن الغضب والعصيان على الحكومة التى ارتكب بعض أعضائها أخطاء جوهرية ولم يتم عمل استجواب واحد أو سحب الثقة من أحدهم وتعلو المناداة بتغيير الحكومة فهل ياترى ستصلح لعبة الكراسى الموسيقية ما أفسدته حكومة مدبولى أم أنها فقط تغيير للوجوه مثل التى تصاحب تغيير وزير النقل عند حدوث كارثة تزهق فيها أرواح الأبرياء على الرغم من تحذير كل وزير نقل إلى الحالة المزرية للسكك الحديدية والاحتياج إلى عشرات المليارات لإصلاح المرفق المتهالك ولكن يتم استبعاده امتصاصا لغضب الرأى العام دون التعرض لأصل المشكلة وإيجاد حلول جذرية لها وهل ستأتى الحكومة الجديدة بما عجزت عنه حكومة مدبولى أم سيتكرر نفس السيناريو من تغيير ألدو بشاهين.
وإذا كان الهدف ضخ دماء جديدة فلماذا الابقاء على وزراء ووزيرات قضوا فى مناصبهم سنوات عديدة ولماذا لاتتم اتاحة الفرصة للأجيال الجديدة فى تولى المناصب وتحمل المسئولية ونقل خبرات القدامى للأجيال الجديدة وتغيير كافة الوزراء دون استثناء والتأكد من تطبيق الرؤية الاستراتيجية للدولة ومراعاة الطبقات الفقيرة والمطحونة وتعظيم استغلال ثروات البلاد والآثار وتنمية الموارد البشرية وجذب استثمارات حقيقية للبلاد والكف عن الاقتراض من الخارج وتأجيل ما يمكن تأجيلة من منطلق ترتيب الأولويات والتصرف على قدر المتاح حتى نترك للأجيال القادمة ميراثا حقيقيا من المشروعات والتنمية عوضا عن سداد فوائد الديون.