كانت إقامتى لعامين بالولايات المتحدة لدراسة الماجستير أواخر الثمانينيات من أثرى سنوات حياتى فالسفر لطلب العلم فى أمريكا ليس مقصورا على التحصيل العلمى فقط  إنما لبناء وتطوير المجتمع والمشاركة فى كافة الأنشطة الثقافية والاجتماعية والترفيهية والدينية.

أذكر فور سفرى أن تم انتخابى رئيسا لجمعية الطلبة المسلمين بالجامعة ولم يدر بخلدى وقتها أهمية هذا الدور فأصبحت مطالبا بتنظيم المناسبات المختلفة طوال العام الدراسى للتعريف بنشاط الجمعية بالإضافة إلى التحضير لصلاة الجمعة أسبوعيا باستئجار قاعة من الجامعة بل ووجدتنى مسئولا عن إعلان بدء الصيام والأعياد واستضافة متحدثين من أساتذة الجامعة أوالسياسيين وخلافه وضرورة التعرف على الديانات والمذاهب الأخرى والتواصل مع سفارات الدول العربية والإسلامية لتزويدنا بمواد دعائية.

وأذكر فى هذين العامين أن حدث أمران جللان أولهما فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل فى الأدب وكان يتحتم على حضور الندوات التى تكرم وتحلل هذا الحدث الجلل والرد على الافتراءات بمنحه الجائزة خصيصا لقصته الشهيرة أولاد حارتنا.

أما الحدث الجلل الآخر فكان فور إعلان الخومينى وضع جائزة على رأس سلمان رشدى مؤلف آيات شيطانية وأضطررت وقتها لشراء تلك التفاهة ومحاولة فهمها والتى أشك أن كاتبها يعى ما كتبه فأحداثها تمثل سردا سيرياليا بأسماء وشخصيات يصعب ربطها بسيرة رسولنا الكريم واستدعيت فى أكثر من ندوة للدفاع عن حرمة وقدسية الأنبياء مقابل مبدأ حرية التعبير وكم كان الهجوم شرسا واحتاج جهدا ضخما منى ومن فريق العمل للرد على مبدأهم الخاص بحرية التعبير.

وأذكر أن هدانى الله لفكرة لماذا لا يناقش الغرب حادثة الهولوكوست ومجرد التساؤل والتحليل لمدى صحة ومصداقية الحدث من مبدأ حرية التعبير وهو ما الجم الحضور وأصابهم بالخرس فهذا الحدث تحديدا خارج نطاق المناقشة وربما نجحنا فى بعض المناظرات وفشلنا فى بعضها لكن من المؤكد أن نظام التعليم لدى معظم الدول العربية والإسلامية قاصر وموجه فلم نتعلم شيئا عن الديانات الأخرى ولا عن آداب وفن التحاور والتناظر ويجب توعية وتدريب المبتعثين قبل سفرهم للخارج على ثقافة الشعوب المختلفة وكيفية التأقلم معها لانهم سفراء لبلادهم كما يجب على السفارات دعمهم بالمواد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية أثناء إقامتهم وعدم تركهم فريسة للتيارات المختلفة والآراء الصادمة وبإذن الله للأفضل.