خط أحمر
الأحد، 4 مايو 2025 09:02 مـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

سارة درغام تكتب.. غشاء الجهل

خط أحمر

 في هذا المقال لا أحرض على فعل الأشياء المُحرمة.. لا أقصد التعدي على الدين و لكن كل ما أقصده مناقشة الجمود الفكري لدى بعض الأشخاص في المجتمعات العربية، الأشخاص الذين يربطون الشرف والأخلاق بغشاء.

غشاء البكارة و هو طبقة من الجلد الرقيق.. ومنذ أن تعي الفتاة تلقن درس من أكثر الدروس أهمية، وهو أن تحافظ عليه و هو أهم شيء موجود في جسدها بل في حياتها أيضاً، و إلى أن تكبر هذه الفتاة و يتعدى الأمر إلى أن تصبح شيئًا يُفاخَر به أمام العائلة والمجتمع، فنجد أنّ الكثير من الدول والمجتمعات لا تزال تُصرّ على إجراء فحص العذرية للفتاة قبل الزواج، وأخرى لا تزال مستمرة على العادة المضحكة بإظهار "الدم" الناتج عن ما يُعتقد أنه "فضّ غشاء البكارة" على قطعة قماشٍ بيضاء في اليوم التالي للزفاف وعند نزول الدم تتأكد العائلة من عفة و طهارة الفتاة.

لا نستطيع أن ننكر أن هذا الغشاء هو غشاءٌ مقدس عند الفتاة و من واجب على كل فتاة المحافظة على نفسها و ذاتها.

و لكن الذي أريد مناقشته هو فقط عن المجتمعات العربية بأكملها ولا استثني أي منها، نجد أن معظم ما يتغنّي به الرجال والشيوخ وغيرهم هو أن شرف الفتاة  ملخص بهذا الغشاء و الذي يعتبر أنه أهم من أخلاقها وعملها ومكانتها في المجتمع بل هو ما يحدد ماهية الفتاة.. فالكل مهتم فقط بنقطة الدم التى تنزف منها ليلة الزفاف، وكأن هذا دليلا على أخلاقها الرفيعة وعلى تربيتها القومية.

نرى في مجتمعنا اهتمام بالغشاء أكبر من اهتمامهم بالمجتمع ككل.. و ما هذا إلا انعكاس بسيط جداً لمدى تخلف و جهل و قصر نظرتهم فقط للنساء على جسدها و على شهوتهم تجاهها.

فنجد حتى الأفلام و الدراما قصتها تدور حول الفتاة التى استغل براءتها الشاب تحت غطاء العلاقة العاطفية و قطف أجمل ما فيها و أعز ما تملك و هي عذريتها و كيف على أهلها مداراة الفضيحة أو عليهم قتلها و التخلص منها ليكونوا في ذلك قد رفعوا شرف العائلة.

هل تساءلت يوما كـ شاب عربي هل تقبل بالزواج بفتاة غير عذراء؟

من المؤكد الجواب سيكون"لا"! فقد أصبح الشغل الشاغل لكل شب عربي هو البحث عن ذلك الغشاء الذي يثبت براءة زوجته و حسن أخلاقها، و طبعاً بدور الفتاة في هذا المجتمع الحفاظ على هذا الغشاء الرقيق المقدس الذي يعكس شرفها و أخلاقها، ولكن غفل عن أذهان أهل العريس أن الفتاة ممكن أن تمارس المعاملات الجنسية دون أن يعرف أحد منهم، خاصة مع وجود العمليات "الترقيع" لإعادة عذرية الفتاة وأيضا الاختراعات الصينية الجديدة التى تضمن نقطة الدم المقدسة حتى لو كانت الفتاة غير عذراء.

شهادة ضمان لفقد العذرية!.. أن الفتيات اللواتي يلعبن الجمباز والباليه والفروسية والدراجات يحصلن على شهادة من النادى والاتحاد بإمكانية فقدان عذريتهم ! وتعتبر تلك الشهادة هي الضمانة الأولى والوحيدة في تبرءة الفتاة لنفسها وأخلاقها أمام شريك حياتها وأمام أهلها والمجتمع.   

"ما بتجوز المطلقة! المطلقة مش بنت!!"

هذه الجزئية واضحة و مفهومة في مجتمعنا ليس من الضروري أن أتكلم كثيراً عنها .. و هي النظرة الدونية للمطلقات كأنهن "من كوكب تاني" لأنهن فقط لا يتمتعون بهذا الغشاء الرقيق.

و من ناحية الأفكار التناقضية والازدواجية في تفكير الشباب العربي الذي يقبل بزواج من فتاة أجنبية غير عذراء و من الممكن أن تكون قد فقدت عذريتها و هي ليست مطلقة، أي لم تتزوج قط!! و لكن لا يشغل تفكيره وجود الغشاء فى تلك الحالة من عدمه، وأنه يقبل بكل سلاسة فكرة الزواج من خارج مجتمعه العربي.. إلا أنه على الجانب الآخر لا يطيق تقبل فكرة أن تكون زوجته "العربية" أو أخته غير عذراء.

من المعترف عليه و لكي نكون واضحين مع بعضنا البعض أن المجتمع يفكر في الرجال من ناحية مكانته و ما هو عليه من تفوق مهني و اجتماعي.. وأيضاً المرآة التي أصبحنا نرى تفوقها و نجاحها و إمكانيتها.

ولكن بمساواة المرأة بالرجل في تلك المسألة سيكون العامل الأول سيفكر فيه الشباب العربي عند اختيار شريكة حياته هو إذا كان غشائها صالح وجديد، و ليس الرقي الفكري و الاجتماعي والمهني، ومدى توافقها مع أحلامه.

وهو بالضبط على عكس ما يحدث فى المجتمعات الغربية عند الزواج، فالانفتاح الجنسي في الغرب جعل من عذرية الفتاة من عدمها مسألة تافهة لا تستحق النظر إليها بالنسبة لتفكيرها وعقلها واستقلالها بكيانها في المجتمع.

ماذا لو أصبحنّ جميع فتيات الوطن العربي غير عذروات، دون ممارسة جنسية أو فعل المحرمات و لكن كلاعبات الباليه والجمباز والفروسية؟.. ماذا لو لم يكن هناك غشاء بكارة؟.. كيف كان سيختار الشاب العربي شريكة حياته؟.

هل من الممكن حينها أن تتساوى نظرة المجتمع للمرأة فقط من خلال عقلها و كيانها و ليس بالجزء الأسفل في جسدها؟

سارة درغام تكتب غشاء الجهل خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة