محمد محفوظ يكتب: من واشنطن إلى باشَلُوش


لا تنزعج من العنوان صديقي، فإنه البيت الأبيض الذي يعد هذه الأيام القاسم المشترك و كلمة السر التي تجمع العاصمة الأمريكية واشنطن وقرية باشلوش أشهر قرى محافظة الدقهلية، فالوصول للبيت الأبيض يبدأ من الصندوق، وإذا اتجهت أنظارك نحو مدينة نيويورك ستجد أن دونالد ترامب حاول بكل ما أوتي من قوة أن يحصد أصوات مناصريه في الصندوق، ولكنه فشل بعد أن جلس أربع سنوات في البيت الأبيض على رأس النظام الأمريكي يقود العالم منفردًا، بينما إذا اتجهت أنظارك إلى باشلوش -القرية الأشهر في مصر هذه الأيام- ستجد أن مرتضى منصور يجمع كل قواه العقلية والعضلية ليحافظ على كرسيه في مجلس النواب الذي ربما يكون بمثابة طوق النجاة له، أو الكارت الأخير الرابح الذي يمكن استخدامه في الدفاع عنه للوصول إلى كرسي البيت الأبيض مرة أخرى في ميت عقبة.
فربما يرى الكثير من الناس التشابه الكبير بين كلِّ من ترامب ومرتضى منصور ليس فقط في الشكل والمظهر الخارجي والانفعالات، ولكن أيضًا في طريقة الخطاب؛ فَكلاهما لمن يفهم في علم الأبراج ينتسب لبرج الجوزاء، ومن أهم عيوب هذا البرج هو الاندفاع والتهور في بعض الأحيان مما قد يقودهم إلى عدم تحقيق أهدافهم أو وصولهم إلى الاختيار الصحيح.
فقد يرى الأمريكيون أن تصريحات ترامب تجاه العديد من القضايا الهامة هي التي أفقدته الوصول إلى البيت الأبيض، في حين يرى أيضًا الكثير من الناس داخل وخارج مصر أن ما يحدث مع مرتضى منصور في الآونة الأخيرة وكان سببًا في سحب البساط من تحت قدميه وربما خروجه من البيت الأبيض -أقصد القلعة البيضاء- هو كثرة تصريحاته وانفعالاته والطعن في كل ممن حوله وانتقاداته اللاذعة.
دعني عزيزي أطرح بعض الأسئلة التي ربما توضح أوجه الشبه في الموقفين بين كلِّ من ترامب ومرتضى في الانتخابات الأخيرة، لمَ لم ينجح ترامب رغم كل ما فعله لأمريكا؟!
ولمَ لم يدعم الأمريكيون الديمقراطيون ترامب رغم ما قدمه لهم سواء على مستوى الجبهة الداخلية أو الجبهة الخارجية؟
أليس هذا هو ترامب الذي حاول إرضاء اليهود والكيان الصهيوني بكل ما استطاع؟ أليس هو من قام بمساعدتهم في الكثير من الأمور وفي مقدمتها نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس الشريف؟ أليس هو من قام بالضغط على بعض الدول للتطبيع مع إسرائيل؟
ألم يكن هذا الترامب هو الذي أعلن في فيديو له أنه حصل على 450 مليار دولار من المملكة العربية السعودية فقط من خلال مكالمة تليفونية قال فيها أنها كانت أسهل له من الحصول على 113 دولار من مستأجر سيئ يعيش في نيويورك؟
ألم يكن ترامب هو من استطاع القضاء على أبرز قائدي الإرهاب في المنطقة كأبي بكر البغدادي زعيم داعش، وقاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني؟
ورغم كل تلك النجاحات من وجهة نظر المحبيين له فقد سقط ذو الشعر الأبيض المصفر ترامب، ولم يشفع له ما قدمه للأمريكيين طوال الأربع سنوات الماضية؛ لأنه من وجهة نظري شخص يتجاهل موظفي البيت الأبيض وحتى عناصر إدارته المقربين إليه، ويقود شراع القطب الأوحد وأقوى دولة في العالم وحده ويزيح من طريقه أي شخص يعترض إرادته.
ترامب الذي لا يحترم اتفاقات بلاده مع بلدان العالم، وكل ما يشغل باله هو قاعدته الشعبية، لكنها قد خذلته في العملية الانتخابية الأخيرة التي أكدت فشل سياساته الأخيرة وأدت لفشله الذريع.
ومن هناك إلى هنا من تجربة (ترامب) إلى تجربة (منصور) حيث تحولت أنظار المصريين من انتخابات الرئاسة الأمريكية إلى الانتخابات البرلمانية المصرية وتحديدًا في قرية باشلوش بدائرة ميت غمر، حيث يخوض مرتضى منصور انتخابات مجلس النواب التي تعد هي آخر ما تبقى له بعد سقوط الابن الأكبر له أحمد مرتضى منصور في دائرة الدقي، وأيضًا بعد قرار اللجنة الأوليمبية المصرية التي أصدرت قرارها في الرابع من أكتوبر الماضي بعزله من منصبه كرئيس للقلعة البيضاء، بل وألزمت إدارة نادي الزمالك بالدعوة لجمعية عمومية لانتخاب رئيس جديد للنادي في نهاية الشهر الجاري بدلًا من مرتضى منصور، الذي تم إيقافه عن مزاولة أي نشاط رياضي لمدة أربع سنوات.
لتتوالى الأسئلة مجددًا، لمَ لم يستطع مرتضى منصور البقاء في البيت الأبيض -القلعة البيضاء- رغم ما قدمه للزمالك في الفترة السابقة؟!
ألم يكن مرتضى منصور هو من استطاع أن يعيد البطولات مرة أخرى لنادي الزمالك؟
أليس مرتضى منصور هو الذي أعاد تشييد وبناء المبنى الاجتماعي بشكل عصري بنادي الزمالك ليتحول لنادي عالمي وفقًا لآراء أعضائه؟
ألم يكن مرتضى منصور هو من استطاع الحصول على دعم ترك الشيخ (رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه بالمملكة العربية السعودية) للنادي الأبيض بصفقات بلغت أكثر من 300 مليون جنيه مصري، بعدما أخفق في دعم النادي بصفقة القرن كما كان يسميها البعض وهي صفقة انتقال عبد الله السعيد للزمالك؟
ألم يقم مرتضى منصور بإقامة قناة الزمالك التي تعد الذراع الإعلامي للبيت الأبيض وخط الدفاع الأول عن مصالح النادي؟
وبالرغم من كل هذا، يبدو أنه لن يشفع لمرتضى منصور للبقاء في البيت الأبيض، بل ويتسارع كل معارضيه لتجميد عضويته بنادي الزمالك وإبعاده عن البيت الأبيض!
نعم عزيزي، ربما يكون المثل القائل "تحدث كثيرًا تخطئ كثيرًا" هو ما ينطبق على المستشار مرتضى منصور؛ فهناك مئات المحاضر والدعاوَى القضائية التي حررها مرتضى منصور ضد الكثيرين الذين يعتبرهم مرتضى أعدائه، وفي المقابل هناك المئات بل ربما تصل إلى آلاف من البلاغات المقدمة ضد مرتضى منصور.
ويبقى في الختام وقبل السلام تساؤل مهم، هل تستطيع (باشلوش) الإبقاء على حصانة مرتضى منصور لتكون هي طوق النجاة والكارت الأخير له لمحاولة الوصول مجددًا إلى كرسي البيت الأبيض مرة أخرى؟ أم سيفشل مثلما فشل دونالد ترامب؟!
سؤال أنتظر مثلك وبشغف شديد الإجابة عليه بما تحمله الساعات القادمة الحبلى بمزيد من الأحداث والوقائع.