نيفين منصور تكتب: أنت فاشل !


عبارة تحمل أقوي المعاني للرفض لبعض الشخصيات من حولنا ،، يمكن أن تتردد كثيرا بين الأصدقاء والأزواج وزملاء العمل والمعارف .. قد نستطيع التعبير صراحة أحياناً للبعض بفشلهم وأحياناً أخري نصمت ونترقب ..وفي بعض الأحيان ننتظر الوقت المناسب لقولها بالفعل وليس بالكلمات.
ولكن متي تقال وكيف ولمن؟ تقال عندما تجد من حولك نموذج لشخصية لا تستوعب ما تفعل وتحرك الأمور من حولها بمنظور ضيق قد يصل إلي العمي .. فأحياناً يوضع من هم غير أهل للثقة في أماكن لا يستحقونها إطلاقاً ..ويُهيأ إليهم أنهم يستحقون .. وتتحول ردود أفعالهم إلي ردود تعبر عن مدي ضعفهم وعدم قدرتهم علي السيطرة وأحيانا قد تظهر بوضوح بعض الأمراض النفسية التي يعانون منها وتكون واضحة وضوح الشمس في بعض التصرفات مع الآخرين وهو ما يسمي في علم النفس الإسقاط النفسي .. بمعني أن تسقط شعورك بالضعف مثلا بمحاولة ضغطك علي الآخرين وخصوصاً من كان يملك السلطة عليك يوما ما متوهماً أن هذا الفعل سوف يرضي غرورك ويظهر قوتك وتظن معه أنك تعيش أبهي عصورك في قوة وسلطة وكيد للآخرين ..
علي سبيل المثال قد يعمل أحد الأشخاص في إحدي المجالات تحت ضغط الأوامر المستمرة فيحيا حياته في حالة من عدم التوازن النفسي والخلل والضعف ويصبح المحرك الأساسي لردود أفعاله هو الخوف الدائم يصاحبه قلة ثقة في النفس فيهاب رؤساءه وسرعان ما يتحول الخوف إلي مرض نفسي مزمن يظهر في بعض التصرفات في حياته الشخصية مع أولاده ربما أو زوجته وربما أيضاً مع أصدقائه .
وسرعان ما تدور الأيام وما أسرعها لتتبدل الأدوار ويتخلص ذلك الشخص المريض من قيود العمل الذي أسر روحه لسنوات طويلة عاشها يتلفت حوله وربما يتحسس الطريق في ترقب خوفاً من الآخرين.. وتأخذه الأرزاق ليجد فرصة من جديد للعمل في مكان آخر وُتذلل أمامه العقبات ليصبح لأول مرة في موقع مرموق ..موقع سلطة علي الآخرين فينتابه شعور بالفخر بنفسه ويوسوس إليه الشيطان بأنه أصبح دون قيود .. له الحق في أن يفعل ما يريد ..
تلك الشخصية المريضة يلازمها دائماً الإحساس بالرغبة في الانتقام من كل من نظر إليه يوما ما نظرة المستضعف ومن كل من كان له عليه سلطة تخيفه في ماضيه .. ولكن رغم نشوته بالتغيير الذي أعطاه الفرصة للسيطرة والانتقام إلا أنه يظل يعمل بخطط من وراء الكواليس ولا يكون لديه القدرة علي المواجهة المباشرة .. فيصبح كالحية تقترب بهدوء وروية في محاولات للدغ وسرعان ما تعود للجحر من جديد .. خوفاً من ردود أفعال الشخص المستهدف .. فإذا كان ردة فعله قوية يتملكه الخوف والذعر ويحاول التلون للخروج من الموقف .. وإذا لم يجد أي ردود أفعال للشخص المستهدف يشعر بالنشوي والسعادة ويهلل للجميع لينشر خبر لدغته في فخر واعتزاز.
هؤلاء المرضي يجب الحذر منهم ،، ولا يجب أن نضعهم في مواقع حيوية تؤثر علي الآخرين .. لأن الشخصية المهزوزة المريضة الانتقامية من الصعب جدا أن تتبدل لتصبح شخصية سوية يمكن التعامل معها بأريحية .
ومن السهل أن تقول لمثل هذا الشخص أنت فاشل بالقول ولكن في بعض الأحيان القول وحده لا يكفي ويحتاج إلي التصدي بقوة لهؤلاء المرضي النفسيين من حولنا حتي تستقيم الحياة ونكفي غيرهم شرور أنفسهم ومكر أرواحهم.
الإنسان المستقيم الواضح السليم ذهنيا ونفسيا هو من يعطي كل ذي حق حقه .. ويعمل لوجه الله عملاً خالصاً ولا يتلون في محاولات منه لإسقاط غضبه من ضعفه علي الآخرين .. ومن الأفضل أن نحسن اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب سواء كان زوج أو زوجة أو صديق أو رفيق أو من يعمل في منصب لا يستحقه .. فالنجاح أساسه حسن الاختيار من البداية .. حتي نتجنب ضياع الوقت في مهاترات لا جدوي منها وفي النهاية يخسر الجميع ..
المشكلة الكبيرة أن بعضهم يعلم جيداً أنه فاشل ورغماً عن ذلك يصر علي الاستمرار في فشله.. والبعض الآخر يوحي لنفسه أنه علي طريق النجاح ويحسن التصرف وما عسانا إلا أن نذكره بقول الله عز وجل (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ .