مقالات

‎ محمد ماهر يكتب ..أنت إللي ح تغني يا ”منعم” ..!!

خط أحمر

إنت إللي ح تغني يا منعم جملة حفظناها جميعاَ من فيلم شارع الحب عندما قالها مختار صالح ( حسين رياض) الموسيقارالكبيرالذي ظل هارباَ متخفياً عشرون عاماً من جريمة قتل زوجته الخائنة ..فضحي بفنه ونجاحه في ظل أن لا يبقي حبيس أربعة جدران وإختار لنفسه سجناً آخر وهو أن يعمل في الفن أيضاً ولكن في مستوي أقل وإلتحق بفرقة حسب الله السادس عشر ( عبد السلام النابلسي) ولكنه إكتفي بوضع خبرته ولمساته الفنية بشكل بسيط في أعمال الفرقة التي كانت تعاني من الكساد والركود وتأتي لهم الأعمال علي فترات متباعدة من إلي أن ولد الأمل في لجوء عبد المنعم صبري او منهم ( عبد الحليم حافظ) ذلك الشاب صاحب الحنجرة الذهبية والصوت الذي سينتشل فرقة حسب الله و ربما شارع محمد علي و يرتفع بهم الي سماء المجد و إعتلاء عرش الغناء ..ولنبتعد قليلاً عن أحداث الفيلم الذي يحفظه الجميع عن ظهر قلب ونذهب إلي الرسائل و المضامين التي رسخها الفيلم والتي كانت تعكس واقع الفن في هذا العصر الذي ما زالنا نطلق عليه زمن الفن الجميل فقج نقل الفيلن واقع حصول صاحب الموهبه .. نعم صاحب الموهبه فقط .. لأن يعتلي خشبة مسرح الأوبرا وهو كان في ذلك الوقت الشرف والحلم الذي يراود كل فنان ليبدأ مشواره الفني من بوابه النجاح الكبري.. وفي مشهد آخر في الفيلم وفي حوار بين المايسترو وعزيز رأفت ( فتوح نشاطي) ومختار صالح ( حسين رياض) قال المايسترو عزيز لمختار صالح " إوعي تكون فاكر إن كريمة لها يد في إختياري لمنعم .. إنت عارف إنه لو صوته مش حلو عمره ما كان ح يغني علي مسرح الأوبرا" أي أن لا وساطه في الفن وأن الفن الجيد يفرض نفسه بالتأكيد .. وهي الرسالة الأولي التي أراد الفيلم أن يوصلها للمتلقي وهي الرسالة الأبدية التي يجب أن تظل راسخة في أذهاننا جميعاً فلا فن بلا موهبه .

أما الرسالة الثانية التي ساقتها أحداث الفيلم فهي أن الإنسان يمكن أن يضحي بأغلي ما يملك وهي الحرية في سبيل تحقيق الحلم والهدف الآسمي.

ولعل القاريء يتساءل عن أسباب سرد أحداث فيلم نحفظه جميعاً .. الإجابة هي أن تلك الأحداث تبادرت إلي ذهني سريعاً عندما رأيت فناً هابطاً مبتذلا يعتلي مسرح علي أكبر إستاد في الشرق الأوسط وفي حضور أكثر من سنين ألف متفرج .. فهذا مطرب صعد ليغني ( ملعون أبوك يا فقر حوجتني للأندال ) .. وهذا مطرب آخر يغني ( ح أشرب خمور وحشيش) .. ومازاد في حزناً أن الحضور كان يحفظ الأغاني ويرددها وتخيلت أن عبد الحليم حافظ إعتلي مسرح الأوبرا وغني يمثل هذه الكلمات .. وتوقعت رد فعل جماهير هذا الزمان .. أعتقد أنه رد الفعل كان سيؤدي إلي كارثه .

ليس إعتراضاً علي مواكبه التطور الفني إذا كانت أغاني المهرجانات تعتبر تطوراً .. فهي من وجهه نظري كمتلقي لا تحتوي علي أي نغمات مفهومه ولا كلمات مرتبطة بعضها البعض بل أنها تحتوي علي كوارث أخلاقية أقل ما ستؤدي إليه هو إفراز أجيال بلا أخلاق ولا ذوق فني أو حتي غير فني.

الخلاصة .. أن هذا اللون من الفنون إذا أردنا إستمراره كشكل من أشكال التطور فيجب أن يخضع لرقابه صارمه وإشراف من يتخصص في المجال الموسيقي ليفرز من لغة العصر ما يمكن أن يساعد في تعليم الأجيال الذي إعتادت سماعه بعض القيم والأخلاق التي فقدت علي أيدي المرتزقة والمنتفعين .

وأن يعود الفن الراقي ليحارب ويطرد الفن الهابط ويوأد محاولات إنتشاره .. ونحن مازال لدينا من يستطيعون فرض الرقي وأعادة الطرب لمكانته بوجود الحلو والحجار ومدحت صالح وأنغام وشيرين وغادة رجب وغيرهم الذين اختفوا ربما إحتراماً لفنهم وحفاظاً علي تاريخهم .. قرار المنع يا سادة قرار علي ورق لن يمنع وصول هذا الهراء إلي أسماع الناس بل الفن الراقي هو فقط القادر علي طرد هذا اللون الذي صدع رؤسنا ولوث أسماعنا .

ولنبحث جميعاً عن ( منعم ) جديد يغني لنا ويعيد لنا جمال الإحساس بالكلمة واللحن والصوت .

‎ محمد ماهر خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر