مقالات

الدكتور أحمد عبود يكتب: الهجوم سر النجاح.. كيف تقود الشركات المستقبل بخطوة جريئة؟

خط أحمر

الاستراتيجية الهجومية في عالم الشركات ليست مجرد خطة نظرية، بل هي أسلوب حياة للشركات الطموحة التي تبحث عن القيادة وصناعة الحدث بدل انتظار الظروف أو رد أفعال المنافسين. جوهر هذه الاستراتيجية يقوم على المبادرة والجرأة المحسوبة، فهي لا تعني التهور، بل تعني أن تكون الشركة صاحبة الخطوة الأولى، وأن تفرض قواعد جديدة للعبة تجبر الآخرين على ملاحقتها.

من أبرز الأمثلة العالمية شركة آبل عند إطلاق أول هاتف آيفون عام 2007. وقتها كان سوق الهواتف تحت سيطرة نوكيا وبلاك بيري وموتورولا، وكلها اعتمدت على نفس النمط التقليدي من الأزرار والشاشات الصغيرة. آبل قلبت المعادلة بمنتج مختلف تمامًا: شاشة لمس كاملة، متجر تطبيقات، جهاز ذكي يتجاوز فكرة الاتصال ليصبح مركزًا لحياة المستخدم. هذه الضربة الهجومية جعلت المنافسين في موقف الدفاع، ولم يتمكنوا من اللحاق بسرعة، ففقدوا هيمنتهم على السوق.

مثال آخر هو شركة تسلا. بينما شركات السيارات التقليدية كانت تتحرك ببطء نحو السيارات الكهربائية، دخلت تسلا بخط هجومي شامل: سيارات كهربائية بأداء عالٍ، تصميمات مبتكرة، وتكنولوجيا تعتمد على تحديثات برمجية مستمرة، إضافة إلى بناء شبكة شحن خاصة بها. النتيجة أن الشركات الكبرى اضطرت للركض وراءها بعدما فرضت تسلا واقعًا جديدًا لم تكن مستعدة له.

وعلى مستوى مصر والمنطقة العربية، نجد نموذجًا ناجحًا في قطاع الاتصالات مع إطلاق خدمة فودافون كاش. فقد بدأت الشركة بتقديم تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول في وقت كانت البنوك نفسها لم تمنح هذه الخدمة الاهتمام الكافي. هذه المبادرة الهجومية جعلتها تكسب ثقة ملايين العملاء وتحتل مركز الريادة في السوق، قبل أن تتبعها الشركات المنافسة بنفس الأسلوب.

لكن السؤال المهم: كيف يمكن للشركات الصغيرة أن تطبق الاستراتيجية الهجومية؟ هناك عدة خطوات عملية يمكن أن تصنع الفارق:
أولًا: دراسة السوق ورصد نقاط الضعف عند المنافسين، سواء كانت في جودة المنتج أو الأسعار أو خدمة ما بعد البيع.
ثانيًا: تقديم ابتكار ذكي يميز الشركة، حتى لو كان بسيطًا، مثل تحسين الخدمة أو توفير تجربة مختلفة للعميل.
ثالثًا: المباغتة بالتوقيت، أي أن تطلق فكرتك قبل الآخرين وتجعل نفسك الأول في السوق.
رابعًا: التوسع السريع بعد النجاح الأول، بحيث لا تعطي فرصة للمنافسين للحاق بك.
خامسًا: بناء ولاء العملاء، لأن الهجوم الحقيقي لا يكتمل إلا إذا ضمنت استمرار ثقة من كسبتهم.

ا الاستراتيجية الهجومية ليست مجرد خيار، بل هي سلاح أساسي لمن يريد أن يصنع مكانته في عالم يتغير بسرعة. الشركات التي تتبنى هذا النهج لا تكتفي بالنجاح العابر، بل ترسم مستقبلها وتكتب تاريخها بنفسها.

الدكتور أحمد عبود خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة