مقالات

المهندس السيد طوبا يكتب: نقل المقابر

خط أحمر

قرأت تصريحات لبعض المسئولين نيتهم دراسة نقل المقابر خارج الأحوزة العمرانية وعلى الرغم من كونها فى وضعها الحالى تمثل متنفسا عمرانيا وحاجزا لحصار وسيطرة الغابات الخرسانية إلا أنه ومن رأى المتواضع أن أصبح نقل المقابر خارج الأحوزة العمرانية أمرا محتوما بعدما زحف العمران إلى داخل المقابر فى كافة المدن والأقاليم بل واحتل الناس الآحواش وأقاموا مدنا وتجارة وحياة مع سكان القبور.

وتأكيدا فإن للموت حرمته وللمقابر وقارها فلا يصح اطلاقا أن يتعايش الأحياء بكل مشاكلهم وموبقاتهم وحياتهم الدنيوية وتجارتهم بين الأموات ولكن هنا تثور بعض الأسئلة الهامة عن كيفية تخصيص مقابر لآهل المتوفين فى الأماكن الجديدة المقترحة وماذا عن المقابر التى توفى كافة ذويها أو يقيم أبناءهم وأقاربهم فى الخارج فكيف سيتم التواصل معهم فى ظل غياب قاعدة بيانات عن المقابر وأصحابها وماذا عن المقابر ذات الطراز المعمارى المتميز والتى أنشأها بعض البشوات فى العصر الملكى وتمثل تراثا معماريا وتاريخيا متفردا كما ويجب دراسة كيفية نقل رفات الموتى بوقار لتسكينهم بدقة فى أماكنهم الجديدة دون أخطاء ومن سيتكفل بكل تلك النفقات.

والأهم ماذا تنتوى الدولة عمله بتلك المساحات الشاسعة بعد تفريغها من المقابر وأخشى ما أخشاه أن تمتد الغابات الخرسانية والعمارات القبيحة والشوارع والخدمات لتحتل وتلوث هذه الرئة والمتنفس العمرانى الأكبر للمدن الكبرى وخاصة القاهرة والاسكندرية والتى بها مقابر للمسيحين واليهود وأتخيل أن تحرص الدولة على استغلال الفراغات الهائلة التى ستتولد عن نقل المقابر الاستغلال الأمثل بوجود حدائق ومتنزهات عامة وأندية رياضية وبعض المشروعات السياحية والمطاعم والكافيهات مع ترك ثلاثة أرباع المساحة المتولدة كمناطق خضراء للتقليل من التلوث وأتوقع أيضا أن يسند إعادة تخطيط تلك المساحات الشاسعة إلى مكاتب تخطيط عالمية بالمشاركة مع مكاتب استشارية مصرية بهدف ايجاد أفضل وأعلى استغلال لتلك المساحات مع الحرص على وجود مواقف للسيارات وجراجات أسفل الأرض لإيواء العديد من السيارات التى تخنق الشوارع وعمل كبارى وأنفاق لحل الاختناقات المرورية فى المدن الكبرى.

وبالطبع أحلم بمشاركة مجتمعية فى المخطط العام المقترح فمن أهم مقومات نجاح مثل تلك الحلول هو المشاركة المجتمعية ومعرفة آراء ورغبات الناس لا أن يقرر أصحاب الياقات البيضاء أنهم الأجدر والأفهم والأدرى باحتياجات الناس دون استطلاع آرائهم وأذكر أثناء دراستى التخطيط بالولايات المتحدة أن أحد المواد كانت تستلزم عرض المشروعات المقترحة على المجلس المحلى للمدينة ثم دعوة عامة للسكان لأخذ آرائهم ومقترحاتهم وموافقتهم عما سيحدث بمدينتهم ووجدت أننا فى مصر نفتقد بشدة لتلك الاجراءات فنفاجأ كما يحدث الآن بقرار الحكومة تعديل مسارات شوارع وانشاء كبارى وأنفاق واعادة تخطيط ميادين دون سابق اعذار أو انذار ودون استطلاع رأى الناس حتى على سبيل المجاملة والعلم ودون معرفة رغباتهم وتطلعاتهم وأحلامهم فى أى من الأمور التى تمس حياتهم اليومية.

وربما لاحظ بعضا أن بيوتا هانئة ومستقرة قد فوجئت بانشاء كبارى علوية أما وحداتهم مباشرة فتتحول حياتهم جحيما من صوت وعوادم السيارات بل وتنحدر القيمة السوقية لتلك الوحدات أو المحلات أسفل الكوبرى دون تعويض وتذهب بثرواتهم هباء دون سميع او مجيب لمصابهم الأليم وفكرة نقل المقابر بصفة عامة الى خارج الأحوزة العمرانية فكرة ممتازة ولكن المهم ما بعد نقل المقابر وكيف سيغير ذلك من شكل المدينة وطبعا الناس.

المهندس السيد طوبا نقل المقابر خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة