مقالات

الدكتور السيد الخطاري يكتب.. كلنا مر على الممر !!

خط أحمر

في ليلة كان نهارها منذ ست وأربعون سنة انطلاق النصر المجيد .. الذي لا يزال يخلد في الأذهان .. ويستقر في الوجدان .. ويحمل بين طياته مئات الحكايات والأسرار والبطولات ..  فالكل انتظر حتى اقتربت عقارب الساعة من العاشرة مساء ليمر على الممر، ذلك العمل السينمائي الذي جمع شتات الأسرة المصرية، وألتف حوله ملايين المصريين ليشاهدوا تجسيد درامي لبطولة من بطولات أبطال قواتنا المسلحة البواسل، الذين ضحوا بكل غال ونفيس لديهم من أجل رفعة هذا الوطن، والثأر لزملائهم الذين طالتهم يد الصهاينة في هزيمة الخامس من  يونيه عام 1967.

 فقد اجتمع المصريون في كل أنحاء المحروسة لمدة ساعتين ونصف حول الشاشة الصغيرة ليشاهدون فيلم الممر ، وهذا ما دفعني اليوم للكتابة عما أحدثه هذا العمل السينمائي في قلوب ووجدان المصريين صغاراً وكباراً ، فطالما نادينا بمثل هذه الأعمال الدرامية التي ستغير بنظرى مسار الإنتاج الدرامي والسينمائي في مصر الفترة المقبلة ، ولما لا ؟ !! ، وقد رأيت بأم رأسي نتائج عرض فيلم الممر على الشاشة الصغيرة في الشارع المصري ، ورصدت ردود الأفعال الإيجابية التي تجلت من كل فئات الشعب المصري على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، وما أحدثه من ثورة انتماء ووطنية وحب دافئ صادق لهذا الوطن وترابه وأبطاله ، وكأنه ــــ عصا موسى ـــ التي ألتهمت كل عصي الخونة والسحرة من الأعداء ممن يكيدون لهذا الوطن .

فأنا لا اكتب اليوم في فنيات ولا نقد لأحداث ومجريات (الممر) ، ولكني أكتب لأذكر فقط بقيمة الفن وأهميته في المجتمع ، وأثره في النفوس ، ونتائجه الإيجابية في حشد الهمم ورفع الطاقة الإيجابية ، وبث روح الوطنية من جديد في نفوس الصغير والكبير،  باعتباره والإعلام من أهم القوى الناعمة في المجتمع، فالمتمعن في أثر هذا المصطلح ـــ القوى الناعمة ـــ الهائل والعظيم في حياة الشعوب والأمم حول العالم ، يتأكد أنها مسألة لا يمكن إغفالها ؛ منذ أن صاغه ـــ جوزيف ناي ــــ من جامعة هارفارد ، كتعبير عن القوة التي تتمتع بها الآداب والفنون، فهي في تصورى كالدبلوماسية الرشيقة الناعمة؛ دبلوماسية الشعوب ، التي تهدف لإحداث التأثير المطلوب على الرأي العام الاجتماعي ومحاولة تغييره بطرق وأساليب أكثر قرباً وملامسةً للواقع، وهو ما يجعل من الفن والإعلام على حد سواء رافداً مهماً للدولة ، يمكن أن تستثمره في تجسيد بعض المعاني والأخلاق والمبادئ والقيم الوطنية التي ترى أهمية نشرها بين المجتمعات .

ولقد غدت القوة الناعمة اليوم برأيي أسلوباً مهماً في التأثير على العقول وكسب العواطف ومعرفة سلوك الشعوب واتجاهاتها وميولها، وأسهمت بأساليبها المتعددة وأنماطها المتنوعة وأشكال تقديمها المتجددة، في التأثير أكثر من النمط التقليدي الذي كان مستخدماً لعقود والمتمثل باستخدام القوة لتحقيق الأهداف والمكاسب على كافة الأصعدة والمستويات، ولم يتوقف تأثير القوة الناعمة عند هذا الحد، بل تجاوزته  ففي تصوري يمكن لها معالجة الأزمات والتحديات الدولية التي تواجه الدبلوماسية الرسمية، إذ تعد في الوقت الحاضر أداة أساسية لزيادة النفوذ والحضور الفاعل القائم على استراتيجية تعزيز سمعة الدولة وصورتها الذهنية ومكانتها على المستويين الإقليمي والعالمي، كما مكنت بعض الدول من نشر وتأمين سياستها الخارجية،  ومهدت الطريق لجذب مزيد من حلفائها ، فأصبح بمقدور القوة الناعمة جعل الناس أو الدول ترغب فيما أنت راغب فيه، فلها استطاعة فائقه على الجذب والإقناع، وأضحت وسيلة ناجحة في السياسة الداخلية والخارجية للدول، وخير دليل على صدق قولى، ما حققه إذاعة فيلم ــ الممرــ على الشاشة الصغيرة في نفوس أطفالنا وشبابنا ونساءنا وشيوخنا ، فأرجوكم وأتودد إليكم يا من تتولون أمر إعلامنا وثقافتنا أعيدوا النظر في خطابنا الإعلامي والفني، فمورثنا الثقافي ملئ بالبطولات والتضحيات التي ينبغي أن يعرفها أولادنا وأحفادنا ، فانتقوا منها ما يقول للعالم _ المصريين أهم _ على أهبة الإستعداد للعبور مجدداً على الممر .

الدكتور السيد الخطاري كلنا مر على الممر خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر