مقالات

جمال رشدي يكتب.. محمد علي حالة فساد فاجر

خط أحمر

لن أتطرق إلى ما قاله المقاول محمد علي، ولكن سأدخل في مقارنة بينه وبين شباب حركة تمرد المصرية بقيادة الشاب محمود بدر، عندما ظهرت الحركة لتقود التمرد ضد حكم الإخوان التف حولها وساندها الشعب، وحمى أعضائها الذين كانوا يوقعون الاستمارات من المواطنين في القري والنجوع من بطش وإرهاب الإخوان، والسبب أن هؤلاء من أبناء عامة الشعب ومن نفس ثقافتهم البيئية يتكلمون بلغتهم ولهجتهم واحتياجاتهم ومطالبهم ولذلك تعاطف معم الشعب، واستجاب لمطالبهم بخلع حكم الإخوان، وهنا قامت ثورة 30 يونيو العظيمة من كل أطياف الشعب المصري لخلع الجماعة الإرهابية.

أما محمد علي ورغم قوة أطروحاته وأهمية كلماته، لم يتجاوب أو يتعاطف الشعب معه والسبب أن تكوينه الثقافي والشخصي بعيد كل البعد عن عموم ثقافة المصريين، فأنا كمتخصص في الإدارة وعملت كثيرا في الموارد البشرية، لفت نظري إيماءات جسده ووجه التي أكدت ليّ أنه غير متزن نفسياً أو أخلاقياً، فسماته وصفاته الشخصية هي تكوين عوامل تربية وتنشئة بعيد عن حاضنة المصريين الثقافية، عندها لم استكمل متابعته أو احترام كلماته.

ولكن السؤال الخطير والأهم كيف يتم اختيار تلك النماذج من أجهزة الدولة لتكون من أبناء مؤسساتها، ويتم رعايتهم ومساندتهم ليكونوا نخب وكوادر اقتصادية أو سياسية أو إعلامية وأيضاً في مواقع تنفيذية ، محمد علي موجود بالملايين في كل مؤسسات مصر وهو ابن للبيروقراطية المصرية الفاسدة والتي وصل فسادها إلي حالة الفجور والعفن واصبحت مستنقعات منتشرة في كل بقاع مصر.

ورسالتي هنا إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وكما كتبتها من قبل تكراراً ومراراً في عشرات المقالات، وهي أن حالة الفساد المصرية ليست حالة تقليدية بل أصبحت جزء ومكون رئيسي من مكونات مؤسسات الدولة، فالفساد ليس المقصود منه رشوة أو محسوبية أو استغلال منصب .. إلخ ، بل أصبح جزء من سلوك تم شرعتنه وتقنينه عن طريق ثقافة الفهلوة والنفاق والتسلق، ووصل الحال إن أبناء تلك العوامل أصبحوا في مواقع المسئولية هنا الخطورة الحقيقة علي الدولة المصرية.

وعند ذلك سوف تبتلع تلك الحالة الفاسدة أي مجهودات للتنمية في أي مجال، مهما كانت ضخامة وقوة تلك المجهودات، وعليه كان يلزم منذ البداية وجود رؤية غير تقليدية لقيادة الدولة المصرية نحو البناء والتطوير، بحيث تقوم تلك الرؤية علي هدم ونسف الحالة القائمة عن طريق الإحلال والتجديد المدروس والمخطط له، بتوليد حالة أخري تستطيع قيادة مصر نحو الأفضل، ويتطلب ذلك التخلص من ثلاث أشياء وهم الفساد بعد تعريفه وتقنينه كما ذكرته بالتفصيل في مقالي الأسبوع السابق بجريدة الأسبوع، وثانيا الإرهاب وكل عوامله من عنصرية وتطرف وتفرقه، الاثنين يتم وضعهم تحت مقصه الحكم العسكري الناجز ، وثالثا الهيكل التنظيمي والوظيفي لمؤسسات الدولة التنفيذية ذلك الهيكل متهالك، قائم علي قوانين وتشريعات ونظام قديم عفي عليه الزمن، وكما ذكرت أصبحت تلك المؤسسات مكون رئيسي من مكونات الفساد فلا يمكن الاعتماد عليها في محاربة الفساد.

وما نحتاجه في الوقت الحالي، حالة جديدة تمتلك استراتيجية عمل متنوع، خارج إطار الوضع التقليدي الحالي، الذي يقوده ملايين محمد علي، تلك الإستراتيجية كما ذكرت في عدة مقالات قائمة علي تكوين شركة مساهمة مصرية تحت اسم تحيا مصر، ويتولد منها أفرع في كل محافظة، تضم كل الخبراء والنخب والكفاءات من كل التخصصات، يكون دورها اختيار المسئول ووضع استراتيجية عمل طويلة ألمدى لكل محافظة، بناءً علي الموارد الطبيعية لتلك المحافظة ولها حق الاختيار والتنفيذ والمتابعة والمحاسبة داخل إطار قانون الدولة.

ولا أنسى جهاز التنمية المحلي الذي هو صلب الفساد في مصر لابد أن يتم وضع ذلك الجهاز تحت إدارة تلك الشركة لإعادة هيكلته وكيفية اختيار عناصره ووضع استراتيجية عمل له، واجزم القول إن ذلك الجهاز هو المجري العذب للفساد، الذي تتغذي منه كل أجهزة الدولة ووجوده بالوضع الحالي كارثة حقيقية علي مستقبل مصر.

بجانب ذلك لابد النظر إلي الإصلاح السياسي، عن طريق إعطاء الفرصة لقيام أحزاب حقيقية تعبر عن نبض الشارع، يقودها رجال سياسة وعمل عام، ويكون تكوينها بعيد عن يد أجهزة الدولة حتي تستطيع أن تكون معبرة عن الثقافة والحالة المصرية، ويتم دعم تلك الأحزاب بعيدا عن ثقافة وصراع الانتخابات، التي في الغالب ينتصر فيها المال والدين والقبلية وهؤلاء الثلاثة هم سبب رئيسي من أسباب فشل الحياة الحزبية في مصر، وعليه قد ذكرت إن الحالة المصرية تحتاج إلي رؤية غير تقليدية خارج الإطار الحالي وبعيداً عن محمد على الفاسد الموجود في كل موقع من مواقع المسئولية في مصر والاعتماد علي محمد علي الحقيقي صاحب نهضة مصر.

جمال رشدي محمد علي حالة فساد فاجر خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر