خالد السيد يكتب .. الحقوق القانونية للمريض


قال تعالى في كتابه الكريم: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ"، ويقتضي هذا التكريم الإلهي رعاية الحقوق الإنسانية وحمايتها ومنع كل ما من شأنه أن ينال منها، ومن أجل ذلك اعتبر الحق في الحياة هو الحق الأول للإنسان، وبه تبدأ سائر الحقوق، وعند وجوده تطبق بقية الحدود وعند انتهائه تنعدم الحقوق.
ويعتبر حق الحياة مكفولًا بالشريعة لكل إنسان، ويجب على سائر الأفراد أولًا والمجتمع ثانيًا والدولة ثالثًا حماية هذا الحق من كل اعتداء، مع وجوب تأمين الوسائل اللازمة لتأمينه من الغذاء والدواء والأمن.
إن التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان، دون تمييز بسبب العنصر أو الدين أو العقيدة السياسية أو الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية، هذا هو دستور منظمة الصحة العالمية، والذي يعني أنّه يجب على الحكومات تهيئة الظروف المناسبة التي تتيح لكل فرد إمكانية التمتع بأكبر مستوى ممكن من الصحة، وتتراوح تلك الظروف بين ضمان الخدمات الصحية وظروف عمل صحية وآمنة وقدر كاف من المساكن والأطعمة المغذية.
وقد بدأ الاهتمام بوجود لوائح لحقوق المريض في العالم اعتمادًا على:
الاعلان العالمي لحقوق الانسان (1948) المادة (25) التي نصت على الحق الاساسي للإنسان في رعاية صحيه وطبيه مناسبة.
لائحة حقوق المريض بجمعية المستشفيات الامريكية (1973) ومراجعتها عام 1992 والتي احتوت على 12 بندا اساسيا في حقوق المريض، حيث تم اعتماد بنودها الأساسية في معظم المؤسسات الصحية العلاجية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
وتعتبر هذه الوثيقة بداية التفكير بوضع وثائق تدل وبشكل صريح وملزم قانونيًا لحقوق المريض المختلفة وليس بشكل أدبي وأخلاقي فقط، حيث أصبح من حق المريض أن يطالب بحقوقه المنصوص عليها قانونيًا وفي قاعات المحاكم عند اللزوم، وعلى جميع المؤسسات الصحية أن تعلم المريض بحقوقه عند دخول هذه المؤسسات.
وتعتبر لوائح حقوق المريض جزءًا مهمًا من شروط اعتماد المستشفيات والمؤسسات الصحية وبالتالي جزءًا من عملية الجودة الشاملة.
في العام 2004 تبنت جامعة الدول العربية ”الميثاق العربي لحقوق الانسان“ والذي اكد في المادة التاسعة والثلاثون على حق كل فرد في المجتمع في التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية وفي حصول المواطن على خدمات الرعاية الصحية الاساسية مجانًا وعلى العلاج دون أي نوع من التمييز (الميثاق العربي لحقوق الانسان, 2004).
وعلى الرغم من عدم احتواء هذا الميثاق على نص صريح يشمل الحقوق الاساسية للمرضى إلا أنه يمكن الاستناد إليه في إيجاد وثائق لحقوق المريض تتبناها جامعة الدول العربية بالإجماع تتوافق مع الفكر والثقافة العربية الإسلامية والامكانيات المتاحة في مختلف أقطار الوطن العربي.
وقد أشارت الجمعية الإسلامية للعلوم الطبية في مؤتمرها الثامن المنعقد في ايلول 2004 تحت عنوان "أخلاقيات العلوم الطبية في الاسلام الوثيقة الإسلامية لأخلاقيات الطب والصحة" إلى ما يشبه وثائق حقوق المريض ولكنها لم تشر إليه صراحًة كحقوق للمريض بل سمتها واجبات الطبيب نحو المريض.