خط أحمر
الإثنين، 5 مايو 2025 07:02 مـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

محمد موسي يكتب ... ” فوضي الإعلام ”

خط أحمر

كنت من المحظوظين في بداية عملي ببلاط صاحبة الجلالة في الربع الأول من تسعينيات القرن الماضي حيث تمكنت وبدعم من السياسي المخضرم الراحل مصطفي كامل مراد رئيس حزب الأحرار وعضو تنظيم الضباط الأحرار من تأسيس " صحيفة آفاق عربية " وكنت في ذاك الوقت لم أتجاوز الثالثة والعشرون من عمري وكتب الله النجاح لنا أنا وزملائي وأساتذتي الذين شاء القدر أن يكونوا داعمين لي في هذه التجربة الصحفية " آفاق عربية " التي كانت تصدر " أسبوعياً " وهذا الشأن فيه حديث طويل ليس مجاله الأن ، لكن كان أهم ما في هذه التجربة هو مكوناتها وكان أهم مافي هذه المكونات هو العنصر المهني حيث كنا جميعاً نسعي للتعلم من أساتذتنا الذين سبقونا وكنا نتحين أي فرصة لنتعلم منهم ، ولذلك كتب الله النجاح لنا في تجربتنا رغم أننا كنا لانمتلك من حطام هذه الدنيا سوي ما تعلمناه وما زلنا نتعلمه حتي الأن في هذه المهنة العظيمة .

ولكن عشنا وشاهدنا بأعيننا كيف تسرب إلي مهنتنا أفراد وأشخاص من غير المؤهلين لحمل أمانة الكلمة من الدخلاء وسمعنا للمرة ألأولي مصطلح " الصحافة الصفراء " والذي كان يعنيه هذا المعني هو صحافة الإثارة والتشهير والإبتزاز ، الأمر لم يكن متوقف فقط عند هؤلاء أو عند صناع هذا النوع من الصحافة ولكن أيضاً مكوناتها من موضوعات ومصادر تتحدث بلا خبرة وبلا وعي أو دراسة تتحدث لمجرد إحداث ضجة أو ما شابه ، أشخاص غير مؤهلين أطلقوا علي أنفسهم خبراء ومتخصصين ولاهم بخبراء ولم يكونوا أبداً متخصصين ، ولكن كان هذا هو الوضع ظل وإستمر وكنا نظنه أنه لن يستمر ، ولكن للأسف إستمر وتغلغل حتي نخر كالسوس في بنيان " صاحبة الجلالة " حتي نزفت دون أن يضمد جراحها أحد رغم المحاولات المضنية من جانب بعض الزملاء المهنيين لمواجهة هذا السوس إلا أن هؤلاء الدخلاء مازالوا يرتعون ويمارسون كل ألوان الإبتزاز والعهر الإعلامي .

وكأن التاريخ يعيد نفسه ونفس ما تعرضت له " صاحبة الجلالة " يتعرض له " الإعلام المرئي " وبنفس الفجاجة فالوضع المزري لمهنة الإعلام أصبح كالأتي : كل من هب ودب أصبح مذيعاً أو أصبحت مذيعه ، وكل من هب ودب أصبح ضيفاً أوخبيراً ، يطلوا علينا في البرامج التلفزيونية ويفتوا في كل شئ بعلم أو بغير علم ، وكل من هب ودب أصبح يحمل لقب إعلامياً أو إعلامية أورئيساً لقسم أو رئيس تحرير لبرنامج أو لقناة ، وكل من هو مؤهل أو غير مؤهل أصبح معداً أومراسلاً أومخرجاً دون أي خلفية أو خبره .

المشهد العام أصبح يحكمه شئ واحد وهو الفوضي ... نعم الفوضي الإعلامية هي التي تسيطر علي المشهد دون رادع أو مانع ولا أحد يستطيع المواجهة ، فبعض القنوات الفضائية الخاصة أصبحت ملاذاً أمناً لمثل هؤلاء من الذين يطلون علينا عبر بعض القنوات ليقدموا لنا منتج أجوف لا يتضمن أي مضمون أو محتوي مهني وكل مؤهلاتهم هي إمتلاكهم للقيمة المادية لوقت الهواء الذي يشترونه بأموال من المؤكد أنها مسمومة أو لقيطة المصدر .

الوضع يتفاقم يوماً بعد يوم ولا أحد يبالي وهؤلاء الدخلاء يتمددون وبقوة بل ويسيطرون علي المشهد بشكل فج أصبح يهدد المهنة برمتها ويتطلب ذلك من كل من يحملون لواء المهنية أن يتصدوا لهذا التمدد التتاري ليخلصوا ويطهروا المهنه من هؤلاء الدخلاء حتي نصل بالمشهد الإعلامي إلي ما نريده له كرسالة نظيفة وسامية .

وهنا أوجه رسالتي إلي أستاذنا الكبير الأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام ولكل أعضاء مجلسه وقاماته ، وأيضاً إلي نقابة الإعلاميين بقيادة الإعلامي القدير حمدي الكنيسي نقيب الإعلاميين وأقول لهم ، ندق ناقوس الخطر ونطالبكم بالتصدي لهذه الظاهرة بما لديكم من صلاحيات قانونية وضوابط مهنية نص عليها القانون وميثاق الشرف الإعلامي ، وهنا لا أطالب بمصادرة الحريات أو غلق المؤسسات الإعلامية كما حدث مع فضائية " LTC " التي أغلقت دون سبب واضح وهذا بعث بداخلنا قلق كبير وتخوف شديد علي حرية الكلمة ، وأظن أن حضراتكم تتفقون معي علي إطلاق حرية الكلمة ولكن بالشكل الذي يحفظ للمهنه وقاراها وقيمتها ويمكنها من اداء رسالتها ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال متابعة خلفية كل من يطلوا علي الشاشات من غير المؤهلين حتي نقدم للمشاهد المصري والعربي محتوي إعلامي يليق به ويليق بتاريخ الإعلام المصري .

أيها السادة الإعلام يلعب دوراً كبيراً في بناء الأمم كما أنه يلعب دوراً كبيراً في هدمها إذا كان يدار بشكل عشوائي أو تحكمه حسابات شخصية أو مصالح ولعلنا نتذكر كيف ضلل الإعلام شعبنا العظيم في 25 يناير 2011 وكيف ساهم في تشكيل وجدان المواطن تجاه الأحداث وأوصلنا إلي طريق مسدود كاد أن يفتك بمجتمعنا ووطنا لولا حكمة قادة جيشنا العظيم الذين حافظوا علي هذا الوطن وتماسكه ووحدته .

الإعلام له دور كبير في نشر السلام الإجتماعي وإستقرار المجتمعات إذا كان إعلاماً مهنياً أما إذا كان خلاف ذلك فانه يصبح كالطاعون يصيب كل من يقترب منه ولا علاج له فلذا لزم علينا أن نضع أيدينا جميعاً بيد بعض للحفاظ علي مجتمعنا ووطنا من خلال تطهير هذه المنظومة من هذه الأفات عملاً بحديث النبي صلي الله عليه وسلم "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " ، وهذا نص صريح من المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن المغير للمنكر لا يلزمه إزالته بطريقة واحدة، بل عليه أن يغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أقل الأحوال ، ونحن نمتلك الكلمة وعلينا أن نستخدمها لتصويب المسار وهذه دعوه لك غيور علي هذه المهنه بأن يدافع عنها ويكافح مثل هؤلاء لتنقيتها من هؤلاء .

محمد موسي يكتب ... ” فوضي الإعلام ”
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة