دائماً ما يأتي المولي عز وجل في كتابه الكريم  بأبلغ الكلمات والتعابير التي تتميز ببلاغة لغوية لا مثيل لها تشرح الحالة التي يعيشها البشر كذكره في سورة النحل المصطلح البليغ بشق الأنفس والشق هي المشقة التي تلحق النفس والبدن وهي الصعوبة والمحنة والعناء.

هذا التعبير اللغوي العظيم يشرح حال المواطن المصري الذي يعاني أشد المعاناة من بعض الموظفين القائمين ببعض الأعمال في الدولة ، في مؤسسات مختلفة وخصوصاً المحليات التي تتحكم في مصير العديد من المواطنين وتختص بشئون متعددة تمس حياة المواطن بصورة مباشرة.

لامست بنفسي ما يعاني منه المواطن وخصوصاً من عدم فهم بعض الموظفين للقرارات الصادرة من الدولة أو بعض القوانين التي تنظم التعامل بين المواطن والحكومة في العديد من الشئون ، وقد تظل تلهث لسنوات طويلة بحثاً عن حق لك ولا تستطيع الوصول إليه بكل سهولة ويسر بسبب التعنت الغير مفهوم أو عدم محاولة بعض الموظفين من الاسترشاد بالقانون أو فهمه الفهم السليم أو التباطؤ الغير مبرر من آخرين منهم.

هل من المنطق في ظل اتجاه الدولة إلي التيسير علي المواطن بتعديل العديد من القوانين والقرارات العقيمة التي لا تتناسب مع التطور الاقتصادي المنشود أن يظل بعض الموظفين هم العائق الحقيقي أمام المواطن؟ هل من الطبيعي أن يقضي المواطن يلهث لسنوات طويلة وراء مصالحه بسبب تعنت غير مفهوم؟

التعنت هو أحد أهم أركان الفساد الإداري المنتشر في مصر والذي أصبح يشبه أصعب الأمراض السرطانية التي تحتاج إلي تطهير  حاسم من الجذور حتي نشعر جميعاً بتحسن وتقدم وازدهار، مازال بعض الموظفين يرفعون شعار فوت علينا بكرة يا سيد أو شعار السيستم واقع ، أو اختلاق عقبات وهمية لا أساس لها من الصحة لرفض طلب المواطن وضياع حقه ، و رغم اتجاه الدولة للتطوير ومحاولات إزالة العوائق والجمود المنتشر في المصالح الحكومية إلا أن الفكر السائد لدي بعض الموظفين هو الفكر العقيم الذي يسعي للتعقيد دون وجه حق .

أعتقد أنه قد آن الأوان للتخلص من أمثال هؤلاء في المصالح المختلفة حتي نشعر فعلاً بالتغيير والتقدم، كم من المواطنين قضي عمره سعياً وراء حق لم يستطيع الحصول عليه بسبب هؤلاء؟ كم من المواطنين أصابه مرض أو أكثر وهو يسعي وراء إنقضاء حوائجه ؟ إذا لم نتعلم أن نرحم بَعضُنَا البعض فلن يرحمنا المولي عز وجل يقول نبينا الكريم صلي الله عليه وسلم (من لا يرحم لا يرحم).

موظف الدولة هو أداة أساسية لتنميتها وهو القادر علي التغيير الحقيقي منهم من يضع القرار ومنهم من يوكل بتنفيذه لخدمة المواطن والمجتمع ، ومن أهم المحظورات التي حددتها المادة 151 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، وهي المحظورات التى يجب على الموظف العام تجنبها،  أنه يُحظر على الموظف مخالفة القوانين، واللوائح، والقرارت، والنظم المعمول بها، ويُحظر عليه على الأخص ما يأتى: استغلال نفوذه الوظيفى و إساءة معاملة الجمهور متلقى الخدمة أو التباطؤ المُتعمد فى أداء الخدمة أو تأخيرها، أو إساءة استعمال السلطة.

نحتاج ونحن نسعي إلي التقدم تأهيل الموظف العام قبل تعيينه تسهيلاً وتيسيراً ورحمة بالمواطن  والقضاء علي كل مظاهر التعنت التي تجعل المواطن يقضي مصالحه بشق الأنفس .