عباس شومان: رسالة الأزهر تقوم على إعلاء قيمة الإنسان ودعم مسارات السلم العالمي


أكد الدكتور عباس شومان، أمينُ عامِّ هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن رسالة الأزهر الشريف، بقيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، تقوم على إعلاء قيمة الإنسان، ودعم مسارات السّلم العالمي، وتعزيز جسور التفاهم بين أتباع الديانات، مشيرًا إلى أن الإسلام جاء حاملًا لرسالة الرحمة واحترام التنوع الإنساني، وأن جميع الأديان السماوية التقت على ترسيخ مبدأ التعايش ونبذ العنف.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في المؤتمر الذي يعقده المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإسبانية مدريد، تحت عنوان: «دَور المؤسسات الدِّينيَّة في صناعة وعي آمن.. الأزهر الشريف أنموذجًا»، والذي يهدف إلى إعادة قراءة خطاب الأديان في مواجهة التطرف وتحصين المجتمعات من مخاطر العنف والكراهية.
وأشار أمين عام هيئة كبار العلماء إلى أن المؤتمر يمثل منبرًا مهمًّا لعرض الصورة الحقيقية للإسلام بوصفه دينًا يرسّخ قيم المحبة والإخاء، موضحًا أن حرمة الدم الإنساني ثابتة بديهةً وعقيدةً، وأن احترام خصوصيات الآخرين قاعدةٌ شرعيةٌ أصيلة، لا تنفصل عن مقاصد بقاء الأمم واستقرار المجتمعات، مستشهدًا بعدد من الآيات القرآنية التي أكدت وحدة الأصل الإنساني وضرورة التعارف والتواصل، مبينًا أن الخطاب القرآني حين يخاطب «الناس» يخاطبهم على أساس إنسانيتهم المشتركة، لا على أساس اختلاف أعراقهم أو أديانهم.
وشدّد شومان على أن الحضارات لم تنهض يومًا على التمييز أو الإقصاء، بل قامت على الانفتاح والتسامح وإتاحة مساحات التلاقي بين الثقافات، موضحًا أن الأزهر عبر تاريخه الطويل قدّم نموذجًا عمليًّا للتعايش، تجلّى في مبادراته الكبرى مثل: بيت العائلة المصرية، ووثيقة الأخوّة الإنسانية، وحوار الشرق والغرب، ومبادرة صناع السلام التي حملت رسائل الأزهر للعالم.
ولفت إلى أن التطرف والعنصرية ليست نتاجًا للأديان، بل هي أمراض حضارية تولَد حين تطغى المادية على القيم، مؤكدًا أن عدالة القوانين وإعلاء قيمة الإنسان هما الأساس الحقيقي لترسيخ التسامح والتعايش، مشيرًا إلى خطورة توظيف التكنولوجيا بلا منظومة قيمية، إذ أصبحت من أكبر أدوات تشكيل الوعي، كما أن استخدامها بعيدًا عن الأخلاق قد يؤدي إلى تمزيق نسيج المجتمعات بدل بنائه.
وأكد أن الدين لم يكن في تاريخه مصدرًا للصراع، وإنما أُسيء استخدامه حين غاب العدل وانحرفت بوصلة القيم، داعيًا إلى إعادة الدين إلى دوره الحقيقي في تقريب الناس إلى الله، وإلى بعضهم البعض، وبناء أوطانهم.
وختم أمين عام هيئة كبار العلماء كلمته بأن مؤتمر مدريد يُعَدُّ نقطةَ انطلاقٍ نحو إعادة تشكيل الوعي العالمي على أساس من الإنصاف الحضاري، لافتًا أن «السلام» لم يعد خيارًا تجميليًّا، بل ضرورةَ بقاءٍ للبشرية، وأن التجارب المريرة أثبتت أن إقصاء الآخر يُغذّي التطرف، فيما يفتح الحوارُ والاندماجُ أبوابَ الاستقرار الحضاري، داعيًا إلى تبنّي وعيٍ عالميٍّ بالقيم يضع الإنسان فوق كل انتماء، ويعيد للدين دوره في تعزيز السلام، وصون الكرامة الإنسانية، ومواجهة خطاب الكراهية بكافة أشكاله.

.jpg)










.jpg)




















