توقعات جديدة بشأن قرار الفائدة في اجتماع البنك المركزي القادم بعد تراجع التضخم


تشير أغلب توقعات المحللين وبنوك الاستثمار إلى أن البنك المركزي المصري قد يستأنف دورة خفض أسعار الفائدة في اجتماعه القادم المقرر يوم 28 أغسطس الجاري.
وقد أثار تراجع معدلات التضخم في مصر للشهر الثاني على التوالي تساؤلات حول إمكانية عودة البنك المركزي لسياسة خفض معدلات الفائدة التي بدأها في أبريل الماضي.
وفي أبريل الماضي، خفض البنك المركزي سعر الفائدة على الجنيه بنحو 2.25% لأول مرة منذ 4 سنوات ونصف السنة، وتبعه بخفض 1% في مايو لتنخفض إلى 24% للإيداع و25% للإقراض.
وأبقت لجنة السياسة النقدية في اجتماعها الأخير الشهر الماضي على سعر الفائدة دون تغيير، وهو ما أرجعه المركزي إلى الحصول على المزيد من الوقت للتريث في المضي قدماً في دورة التيسير النقدي، خاصة وأن هذا النهج يتيح وقتاً كافياً لتقييم الآثار المحتملة للتغيرات التشريعية المُعلنة في الآونة الأخيرة، ومنها تعديلات ضريبة القيمة المضافة.
معدل التضخم السنوي في مدن مصر
انخفض معدل التضخم السنوي في مدن مصر خلال الشهرين الماضيين بنحو 290 نقطة أساس، ليسجل 13.9% في يوليو 2025 مقارنة بـ16.8% في مايو السابق له، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وعلى الصعيد الشهري، سجل المؤشر القياسي لأسعار المستهلكين تراجعاً في يوليو بنسبة 0.6% عن يونيو 2025.
توقعات قرار الفائدة في اجتماع البنك المركزي القادم
تباينت آراء المحللين حول التوقيت المناسب لاستئناف خطوات الخفض، حيث اتفق ثلاثة محللين على أن تراجع التضخم المستمر يمثل نقطة دعم قوية نحو اتخاذ خطوات جديدة لخفض الفائدة على الجنيه بمعدلات تفوق 2%.
في حين يرى اثنان آخران أنه من الأفضل الإبقاء على الفائدة حتى أكتوبر المقبل في ظل ترقب بعض قرارات رفع الدعم على المحروقات وإصدار مرتقب لديون بالعملات الأجنبية، بحسب “العربية”.
ورجح رئيس قطاع البحوث بشركة الأهلي فاروس، هاني جنينة، أن يخفض المركزي الفائدة على الجنيه خلال أغسطس الحالي بنحو 200 نقطة على أقل تقدير.
وقال جنينة: “احتمال خفض الفائدة بمعدلات أكبر يصل إلى 3% ارتفعت إلى 50% نهاية أغسطس، خاصة في حال استمرار معدلات هبوط الأسعار لمستويات سالبة”.
وأضاف أن هناك عدة مؤشرات لاستمرار تراجع الأسعار وتحسن المؤشرات، منها ارتفاع الجنيه مقابل الدولار وتأجيل رفع الدعم على الكهرباء والغاز، بجانب تأثيرات إيجابية حالية ومتوقعة لمبادرة الحكومة بخفض الأسعار.
وتابع جنينة أنه في حال استمرار تحسن هذه المؤشرات قد يتراجع التضخم بقراءة أغسطس إلى 12%، وهو ما يمنح المركزي مساحة واسعة لإجراء مزيد من خفض الفائدة.
ويستهدف البنك المركزي المصري تراجع التضخم تدريجياً ليصل إلى 7% بزيادة أو أقل 2% بنهاية الربع الأخير من 2026.
ومن جانبه، توقع رئيس قسم البحوث في شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، هيثم فهمي، أن يخفض البنك المركزي المصري الفائدة في الاجتماع المقبل بمقدار 100 نقطة أساس.
وأرجع فهمي توقعاته إلى تراجع معدل التضخم في المدن المصرية لشهرين متتاليين وتسجيل معدل سلبي للتضخم الشهري عند -0.6% في يوليو مقارنة بنسبة -0.1% في الشهر السابق.
وأوضح أن “تراجع عقود مبادلة مخاطر الائتمان (Credit Default Swaps) للديون السيادية المصرية بنسبة 7.1% منذ الاجتماع الماضي لتنخفض من 472.3 نقطة أساس إلى 438.5 نقطة أساس، يعزز إمكانية خفض الفائدة على الجنيه”.
وأضاف فهمي أن استمرار التباطؤ في نمو القطاع الخاص غير النفطي رغم التحسن في شهر مايو 2025 إلى مستوى 49.5 نقطة مقارنة بمستوى 48.5 نقطة في إبريل 2025، إلا أنه لا يزال دون المستوى المطلوب ويتطلب مزيداً من الحوافز.
ارتفاع الجنيه وانخفاض فائدة الدين
وقالت رئيسة وحدة البحوث بشركة نعيم لتداول الأوراق المالية، سلمى طه حسين، إن انخفاض الفائدة على أذون الخزانة الحكومية لأجلي 3 و9 أشهر في العطاءات الأخيرة يمنح فرصة أمام المركزي لخفض فائدة الجنيه.
وأوضحت أن “انخفاض فائدة الدين الحكومي يشير إلى انحسار ضغوط السيولة في سوق الدين المحلي، وربما انخفاض في تكاليف الاقتراض على الحكومة”.
وأضافت رئيسة البحوث بالنعيم أن الارتفاع الطفيف في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي يقلل الضغوط التضخمية المستوردة، ويمنح البنك المركزي المصري مجالاً أوسع قليلاً لتخفيف سياسته دون إثارة حالة من عدم الاستقرار في العملة.
ومن جانبه، قال مسئول مصرفي إن ارتفاع قيمة الجنيه مقابل الدولار وتوقعات استمراره يتيح فرصة أمام البنك المركزي لخفض الفائدة بمعدلات بين 2 و3% خلال الاجتماع المقبل.
وأضاف أن تراجع معدلات التضخم على أساس شهري وسنوي وانعكاس ذلك على أسعار العديد من السلع، بجانب المبادرة الحكومية لخفض الأسعار، يدفع المركزي لاستئناف خطوات خفض الفائدة.
توقعات بتأجيل خفض الفائدة
يرى رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين، مصطفى شفيع، أن الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير هو القرار الأرجح، نتيجة لاستمرار تكلفة الدين الحكومي عند معدلات مرتفعة رغم تراجعها مؤخراً.
وأشار إلى أن تراجع معدلات التضخم يُشكل عنصرا إيجابياً، ولكن بعض القرارات المحتملة مستقبلاً قد تدفعها للارتفاع مجدداً، قائلاً: “القرار الأكثر أمانا في الوقت الحالي هو “التثبيت”.
واتفق معه مسئول مصرفي مرجحاً أن يكون سيناريو التثبيت الأقرب في ظل توقعات تحريك أسعار الكهرباء والغاز خلال الفترة المقبلة مع ارتفاع الاستهلاك في شهور الصيف، وهو ما قد ينعكس على معدلات التضخم في الربع الأخير من العام الحالي.
وقالت سلمى حسين إن اعتزام مصر إصدار صكوك بقيمة مليار دولار في سبتمبر أو أكتوبر المقبلين يُشكل تحدياً أمام المركزي للحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لجذب المستثمرين وحماية تدفقات النقد الأجنبي.
وأضافت حسين أن التحسن الطفيف في مؤشر مديري المشتريات يقلل الحاجة الملحة إلى تخفيف السياسة النقدية الحالية.
وأوضحت أنه في الوقت الذي تُفضي اتجاهات التضخم واستقرار الجنيه المصري إلى خفض أسعار الفائدة، فإن احتياجات التمويل الخارجي وتوقيت إصدار الصكوك قد يدفعان البنك المركزي المصري إلى توخي الحذر أو تأجيل أي تخفيف كبير للسياسة النقدية إلى ما بعد الإصدار.