الدكتور أحمد عبود يكتب: حان وقت الناتو العربي


لقد آن الأوان.. آن أن تدرك الدول العربية أن ما يحاك حولها لم يعد يحتمل التأجيل أو المجاملة أو التشتت. العالم من حولنا يعيد رسم خرائطه، والأزمات تتكاثر، والتحديات تتعاظم، والخصوم يتحدون، بينما ما زلنا نحن نتحرك فرادى، نخشى من فكرة الاتحاد، وكأنها خطر لا رجاء منه. لكن التاريخ لا يرحم، والأمن لا يُشترى، والسيادة لا تُصان إلا بالقوة والعقل والوحدة.
الناتو العربي ليس حلماً خيالياً، بل هو ضرورة وجودية. نحن نمتلك المقومات: المال، والرجال، والموقع، والتاريخ، والهوية الجامعة. نملك جيوشاً قادرة، وخبرات متراكمة، وتجارب مريرة علمتنا أن التفرقة لا تجلب إلا الخذلان. فماذا ننتظر؟
حينما تتحد أوروبا بكل تناقضاتها، وتتوحد أمريكا مع كندا والمحيط الهادئ، وتبني الصين وروسيا محاورها، لا يجوز أن نظل نحن العرب نراوح أماكننا، نتبادل البيانات والتنديد، دون فعل. من الخليج إلى المحيط، العدو واحد، والتهديد مشترك: أمن قومي مستباح، حدود مفتوحة أمام أطماع إقليمية ودولية، وكل قُطر يُستنزف بمفرده.
حان وقت الناتو العربي... تحالف دفاعي حقيقي، بقرار سياسي موحد، وهيكل قيادي مشترك، ومناورات دورية، وميزانية واضحة. لا يكون موجهاً ضد أحد، لكنه حائط صد لكل من تسوّل له نفسه استباحة أرضنا أو إرادتنا. حلف يُفعِّل الاتفاقية العربية للدفاع المشترك، وينهي زمن الانتظار والخوف والتردد.
لا نحتاج إلى الوصاية، بل إلى الإرادة. لا نطلب المعجزات، بل فقط أن نثق في أنفسنا. فشعوبنا عطشى للأمن، والكرامة، والعزة. والكرسي الذي لا تحميه البنادق، تسقطه الرياح. والتحالف الذي لا تبنيه القلوب والعقول، ينهار عند أول اختبار.
إنها ليست دعوة للحرب، بل للسلام القوي. ليست نزعة عنصرية، بل مشروع نهضة. الناتو العربي ليس رفاهية… بل فرض عين. ومن لا يشارك اليوم في تأسيسه، سيلعن يوماً أنه تأخر.
فلتُرفع الرايات... ولتتحد الصفوف... فالعالم لا يحترم الضعفاء، ولا يرحم المشتتين.