الدكتور أحمد عبود يكتب: أمريكائيل.. الحليف الصهيوني الأكبر


منذ اللحظة التي وُلدت فيها إسرائيل على أنقاض فلسطين، كانت أمريكا أول من يصفق، وأول من يعترف، وأول من يموّل ويسلّح ويحمي. هذه العلاقة لم تكن وليدة صدفة، بل نتيجة تحالف عميق بين الصهيونية العالمية وصُنّاع القرار في واشنطن.
ولهذا، لم تعد أمريكا فقط دولة عظمى، بل أصبحت كما يسميها كثيرون: "أمريكائيل" — كيان واحد بوجهين، أمريكي إسرائيلي. في عمق الوعي الأمريكي، خاصة بين التيارات البروتستانتية الإنجيلية، ترسخت فكرة أن اليهود هم "شعب الله المختار"، وأن قيام دولتهم في فلسطين "علامة على اقتراب يوم القيامة" وعودة المسيح. هذه العقيدة انتقلت من الكنيسة إلى البيت الأبيض، ومن الوعظ الديني إلى استراتيجية الأمن القومي. ومع ظهور "اللوبي اليهودي"، خاصة منظمة AIPAC، تحولت هذه المعتقدات إلى أدوات ضغط هائلة جعلت من دعم إسرائيل أمرًا مقدسًا في السياسة الأمريكية. من ينتقد إسرائيل، يخسر الدعم والتمويل والتأييد الإعلامي. منذ عام 1948، ضخت أمريكا أكثر من 300 مليار دولار في خزائن إسرائيل، ما بين دعم عسكري مباشر، وتسهيلات اقتصادية، وصفقات سلاح، وتكنولوجيا تجسس. كما وفرت لها الحماية الكاملة في مجلس الأمن، وأسقطت العشرات من قرارات الإدانة الدولية.
ومقابل هذا السخاء، تمادت إسرائيل في احتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية، وقصف غزة وارتكاب المجازر، وتهويد القدس وتدنيس المقدسات، وتحويل الفلسطينيين إلى لاجئين في أوطانهم. وكل هذا يحدث تحت نظر "أمريكائيل"، التي لا ترى، لا تسمع، لا تتكلم... إلا إن تعرّضت إسرائيل لطلقة حجر. هذا التحالف ليس بلا مقابل. "أمريكائيل" تريد شرق أوسطًا ضعيفًا، مقسّمًا، تديره من بعيد وتنهب خيراته. وتشمل مخططاتها: تفكيك الدول القوية مثل العراق وسوريا ومصر، لتبقى إسرائيل الأقوى، وإشعال الفتن الطائفية بين المسلمين، وإبقاء شعوب المنطقة مشغولة بالحروب الأهلية، وفرض التطبيع بالقوة، وشيطنة كل من يقاوم أو يرفض "صفقة القرن"، والسيطرة على الثروات، خصوصًا الغاز في شرق المتوسط، بالتعاون مع إسرائيل. "أمريكائيل" لا تنتصر لأنها أقوى، بل لأن الآخرين أضعف، أو صامتون. الخطر ليس فقط في السلاح الأمريكي أو الغطرسة الإسرائيلية، بل في صمت الإعلام، وتخاذل الحكام، وغياب الوعي الشعبي.
الطريق إلى الحرية يبدأ من فهم اللعبة، ومقاطعة التطبيع، ودعم المقاومة، وفضح الأكاذيب التي تزين صورة هذا التحالف الشيطاني بين واشنطن وتل أبيب. "أمريكائيل" ليست خرافة لغوية، بل واقع مرير. كيان هجين يتحكم في العالم بالمال والإعلام والسلاح والدين، تحت راية واحدة: حماية إسرائيل مهما كان الثمن، حتى لو احترق الشرق الأوسط