يتميز الشعب المصرى بالذكاء وخفة الدم وقد وظف الكثيرون هذا الذكاء بطرق ملتوية لكسب لقمة العيش فى ظل غلاء الأسعار والتحايل باظهار المعرفة والعلم بكل شيء وهو ما يطلق عليه الفهلوة المصرية وبالرغم من أن الكلمة مشتقة من الفارسية وتعنى عمق الخبرة والمعرفة إلا أن طبقات كثيرة من الشعب وظفتها فى غير محلها فاصبح لدينا مفتين فى شتى أمور الحياة دون علم أو دراسة أو تجربة.

فإذا صادف أن جلست على أحد المقاهى الشعبية ستجد خبراء فى السياسة والاقتصاد والاجتماع والرياضة وحتى الطاقة النووية وبدون أن تسترق السمع فسيصلك صوتهم العالى رغما عنك فتشعر للحظة أن الجميع يعانون من ضعف السمع كما أن الجميع يتكلم فى نفس الوقت دون أن يسمع أحدهم الآخر ولكن لديهم زخم هائل من المعلومات والفتاوى يريدون أن يفرغوها فورا دون عوائق كما أنك لو سألت أحدهم سؤالا فنادرا ما يصدمك بعدم المعرفة وربما يشعر بالعار لعدم العلم بالأمر فتجد الإجابات الفورية والجاهزة وبالتأكيد ستجد معظمها غير دقيق وتجد ثقافة منادى السيارات الذى يتكسب من لا شيء سوى صف العربيات فى الأماكن المسموحة وغير المسموحة مقابل إتاوة ولا يخلو شارع أو حارة من هؤلاء البشر الذين تنشق الأرض عنهم عند همك بالمغادرة.

وإذا قصدت مصلحة حكومية لإنهاء أوراق فتفاجأ بمن يبادر باستعداده لإنهاء تلك الأوراق واللف على المكاتب مقابل أجر يقدر حسب تقييمه لك وطريقة ملبسك ومظهر الثراء أو الفقر عليك وكل له تسعيرة وإذا ما حاولت إصلاح الأجهزة المنزلية فكل العناء والمشقة من فنيين غير مؤهلين ناهيك عن أدعياء السباكة والكهرباء والتكييف وفور سماعك"كله تمام" فأعلم أنك فى مصيبة كبرى وأنه لم يتم انجاز العمل المطلوب.

أما إذا سمعت"إحنا بعون الله نعرف نصلحها" فالأفضل لك شراء جديد أو الذهاب إلى التوكيل وأمرك لله أما إذا سمعت كلمة"معلهش" فاستعوض الله فى مصابك, وحتى على مستوى البرامج التليفزيونية فيتم استضافة مستشار قانونى يفتى فى كافة أنواع القضايا من مدنى إلى تجارى إلى جنايات وكأنه موسوعة السنهورى وفى التطوير العقارى تجد تاجر الفاكهة أو البويات الذى أنشا مشروعا وحيدا يفتى فى الأمور العقارية بكل جهل بل ويتقدم باقتراحات كفيلة بهدم المهنة وحدث ولا حرج فى باقى الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية ولا يوجد تخصص واضح أو مرجعية واضحة لاستضافة نجوم الحديث فى الإذاعة والتليفزيون إنما علاقات عامة مع معدى البرامج عموما حياتنا بالكامل تحتاج إلى مراجعة وتصحيح ولا بد من اعطاء الفرصة للشباب الجديد المتعلم والمتخصص لإثراء حياتنا وتقديم معلومات دقيقة دون لف أو دوران أو فهلوة.