بوحٌ يختلج في نفسك، وحديث يركض في أوردتك، وكلمات تتراقص على لسانك، فتمتطي صهوة قلمك، وتشد لجام فرسك، وتنطلق بلا هوادة.

ليس كل شيء يُقال، ولا كل معلوم يُنشر، ولا كل حديث في النفس تلوكه الألسنة.

شيءٌ من الكِتمان، ولحظاتٌ من السكون، وزمنٌ من الهدوء، وكثيرٌ من الصمت، وفترةٌ كافيةٌ من التأمل، بالفعل: ذاك الذي تحتاج إليه.

لجامُ جوادك قد ينقطع فتنطلق كلماتك طائشة بلا ضابط، ورصاصات أفكارك تخترق الحدود بلا رابط، لذا: عليك أن تصمت أحيانا.

قلمك الجميل ساحرٌ يأخذك إلى عوالم أخرى، جميلةٌ أحياناً، ومخيفة في أحايين، ومربكةٌ في مواقف، ومفزعةٌ في أيام قاسية.

اضبط نفسك، واتشح بالسكون، تمتم بلسانك شيئا ينفعك، أو يؤنسك، أو يبعث فيك الأمل.

جرب أن تهمل أناملك أحيانا، وأن تستخدم أذنيك، ألم تعلم أن في أذنيك وسمعك وسماعك واستماعك كونٌ مُختزل، وعالمٌ مترامي الأطراف، فاسمع، وتأمل، وغربِل، ونقِّ، وصَفِّ ما شئت، وأحسِن ما تختار.

وعينيك، ألم تتجول بهما في ملكوت الجمال، وبدائع الكمال، ونضائر السحر الحلال، فترى ما أبدعته يد الخالق العليم سبحانه.

ودِّع قلمك مرةً، وصاحبه مرة، واهجره مرة، وخذه رفيقا وصديقا وفيا مرات عديدة.

قلمك لا يخون، وأناملك لا تكذب، وورقتك لا تغش أبدا، إنما بوحُك هو القائد الذي يحتاج إلى ضبط.

فاضبِط خيالك وجِماحَك يطيب قلمُك وتضحك ورقتُك.