رجب الشرنوبي يكتب.. التجارة بأحلام البسطاء


من المؤكد أنه يوجد من بين المصريين مايستحق أن توليه الدولة عناية خاصة ، وأظن أنهم قطاع غير قليل ولكن هل الزج بما يعانيه بعض أهلنا بمناسبة وغير مناسبة وفي كل وقت وحين هو السبيل الوحيد لمساعدتهم والأخذ بيدهم والوقوف إلي جانبهم وبهذا سيتخلصون من كل أزماتهم ومشاكلهم اليومية؟؟!!
أعتقد أننا إلي جانب واجبات الدولة الرسمية تجاههم ، من إستحداث حلول خاصة بهم في ميزانياتها، ووضع المزيد من البرامج التأمينية التي تناسبهم وتعمل علي حل مشاكلهم وتوفير الحماية الإجتماعية لهم ، إلي جانب كل ذلك وماشابه ، يمكننا نحن أيضاً أن نفعل أشياء أخري لمساعدة أهلنا غير الصراخ والعويل علي سوء أحوالهم ليل نهار .
ماذا لو قام رجال أعمال كل منطقة والمتيسيرين من أبنائها بالتنسيق مع الجهات الرسمية فيها كالإدارات التعليمية والمستشفيات العامة ؟؟!!حتي يمكن توفير بعض الإحتياجات الضرورية لأبناء الطبقة الفقيرة فيها كالزي المدرسي والأقلام والكتب والكراسات إلي جانب بعض الأدوية والإحتياجات الطارئة والضرورية!!!!
ماذا لو ترك كل ذي ميسرة مايعتقد أنه حقه وهو قطعاً ليس كذلك طواعية فيما يمكن أن تقدمه الدولة من دعم وبرامج تأمينية إلي كل من يحتاجها وربما يقتات عليها ؟؟!!
ماذا لو ساعد كل منا أحد أبناء هؤلاء بالسعي لإيجاد فرصة عمل له ؟؟!!ربما يتمكن من توفير لقمة عيشه بشكل يحفظ له كرامته الإنسانية بدلاً من ذل السؤال!!!!
ماذا لو سعي كل من كان له قدرة علي العمل من أبنائنا هؤلاء الذين ضاقت بهم الحياة " بعض الوقت" لإيجاد فرصة عمل أياً كان نوعها والمجهود المبذول فيها؟؟!! بدلاً من أن نقضي حياتنا ونحن نشتكي من الظروف ولا نعمل علي تغييرها !!
ماذا لو أخذ كل منا في الإعتبار مشاعر جاراً له وهو الذي عجز عن تجهيز أبنه أو إبنته بإحتياجات أساسية عند زواج أحدهما ونحن نتفاخر بأسطولاً من السيارات تحمل من الكماليات التي ربما لا يستخدمها أبنائنا إلا مرة واحدة أو أثنتين علي الأكثر طيلة فترة زواجهم ؟؟!!
ثم ماهو الدافع الذي يحمل رجل أو سيدة
قست عليهما الظروف أن يوقعا علي شيكات وإيصالات أمانه ليتنافس مع من كانت ظروفه أفضل بعض الشيء في توفير أشياء ليست ضرورية إلا في شكلها الإجتماعي المقيت ؟؟!!!ويقع حتماً فريسه لتاجر لا يشغله بالقطع إلا تحصيل أمواله بأي وسيلة ثم تبدأرحلة المعاناة!!!
ماذا لو علم كل منا أن زكاة أمواله أمانة لديه وليست منحة يعطيها من يشاء ؟؟!! ماذا لو علمنا أنها حقوق لإناس لهم مواصفات محدده توجب علينا البحث عنهم وتوصيلها إليهم؟؟!! حتي تحقق الزكاة الفلسفة والحكمة من مشروعيتها وتختفي بذلك معظم الأمراض الإجتماعية ؟؟!! متي نتعلم أنه ليس كل من يطلب الصدقة ويتسول بالشارع مسكين يستحقها؟؟!!
ماذا لو علم كل منا أن الكلمة مسئولية وسنحاسب عليها يوم الدين وذلك بنص آيات القرآن والأحاديث الشريفة ؟؟
متي نشعر أن مساعدة الفقير واجب علينا وحق له وليست معاناته وآلامه مادة لنتصدر بها منصات التواصل لصنع بطولات وهمية أو إنشاء جمعيات وهمية لتحقيق مصالح دنيئة ودنيوية وأن مساعدة الضعفاء مواقف حقيقية وليست كلمات فارغةحتي من مضمونها!!فالمهتمون بحقوق الإنسان والمدافعون عن الغلابة باتوا أكثر من نصف الشعب!!! إنتبهوا أيها السادة فلربما ترديدجملةً أو تعظيم خطأ يجر علينا مالا يحمد عقباه.
متي نتعلم أن بناء الأوطان والحفاظ عليها إن توافر الإخلاص وأستحضرت النوايا عبادة ؟؟ولعل حديث المصطفي(ص)وخطابه المعروف لمكة المكرمة خير مثال علي ذلك ضارباً بذلك أروع الأمثلة في الولاء والإنتماء عبر التاريخ .
وصلتني رسالة من صديق عزيز عبر مواقع التواصل سأل في البداية عن أحوالي وصحتي ولما طمأنته أني بخير والحمد لله تابعني بسؤال آخر :لماذا أنت مختفي لم نسمع لك صوتاً؟؟ ثم أنصرف !!
وأعتقد إن لم أكن مخطئاً أني قد فهمت مقصده ووصلتني إشارته !!
وفي البداية أود أن أشير إلي صديقي العزيز وهو واحد من شبابنا المحترم الذي أضطرته الظروف كما فعلنا نحن سابقاً أن نهاجر سنوات وسنوات للبحث عن لقة العيش وتحسين أوضاعنا المعيشية ،بدلاً من قضاء الوقت نشكوا الظروف و نصب جم غضبنا علي المجتمع !!!
المهم ياصديقي أن من يعمل بالسياسة أو يهدف إلي قيادة المجتمع يلزمه أن يكون متعقلاً في قراءه الأحداث وتقديم الرؤي والحلول المناسبة للمواقف المختلفة التي يتعرض لها الوطن ، وماحدث يوم الجمعة الماضي من تظاهر لأعداد فردية هنا أو هناك لا يستحق بالضرورة التعليق عليه بأكثر من حجم الحدث ، ولكن هل هناك حدث ؟؟نعم ولكنه لايجب من وجهه نظري أن لا يأخذ منا أكثر مما يستحق، فتهويلة قطعاً سيؤدي إلي سلبيات تفوق بكثير مما يحقق تهويله وتعظيمه .
أولاً :سيشعر من دبر لهذا بلذة النصر عندما يشعر أن ماخطط له تحقق ولو إعلامياً أو أقترب من تحقيقه فيعطيه ذلك معنويات تساعده علي الإستمرار .
ثانيا: نتسبب بكثرة الحديث والتركيز عليه حالة من الإرتباك والقلق الغير مبرر في وطن عاني الأمرين حتي تحسست قدماه الطريق الصحيح وبدأ لتوه عدة خطوات لإصلاح ماأفسدته الأحداث السابقة منذ عدة سنوات والتي ربما كان لها مايبررها وقتها وماكان يدعم نجاحها بصرف النطر عما حدث بعدها وأنحرفت الأحداث عن مسارها وتحولت أحلام شبابها إلي سراب لم يكن في الحسبان،قبل أن تحاول الدولة إستيعاب هذه الأحلام مرة أخري.
ثالثاً: ليس من الحكمة التفاعل مع صغائر الأحداث التي تشبه التجمعات الفردية هذه لانها لن تختفي نهائياً من المجتمع فالبشر في طبائعهم وطموحاتهم ومبادئهم وقيمهم وأساليب تحقيق أهدافهم مختلفون وإرادة الشعوب لها مظاهر أخري كما أن الإجماع علي أي قيادة سياسية تقود البلاد درب من دروب المستحيل.
رابعاً:لم نسمع أن الإيرانيين من غير الدولة الرسمية يعطون أهمية قصوي لمجاهدي خلق مثلاً أو أن الأسبانيين توقفت حياتهم وتفرغوا للكلام وتركوا أعمالهم لمتابعة مايقوم به الأنفصاليين في أقليم كاتالونيا هناك شعوب تعمل ودولة تقوم بواجباتها في حفظ الوطن وهنا أناس يشغلون أنفسهم بمتابعة الشائعات والتفاعل معها دون حتي التحقق من مصادرها .
خامساً: ليس من الحكمة أو حسن الإدارة أن تبدو الدولة وكأنها دائماً في موقف دفاع عن نفسها مع صغائر الأحداث ولا أحبذ دعم هذا الإتجاه فيؤثر ذلك علي الصورة الخارجية للدولة ومايستتبع ذلك التأثير علي مناحي كثيرة من الإستثمارات والسياحة وخلافه .
سادساً:هذا لا يعني أن مؤسسات الدولة لم ترتكب أخطاء في التعامل مع الأمر فإعلام الدولة العام والخاص تعامل مع ذلك الحدث البسيط بمنتهي الرداءه رغم أن كل شيء كان معلن عنه مسبقاً المكان والتوقيت والأهداف وللأسف لم يكن هناك إدارة إعلامية جيدة للتعامل مع الموضوع ولم تكن لنا إعلامياً أي رؤي وتوقعات إستباقية.
وأخيراً ياصديقي لكل منا رأية وليس بالضرورة أن أكون مصيباً كل الوقت فنحن بشر نصيب أحياناً ونخطيء أوقاتاً أخري مع خالص تحياتي .