تستطيع أن تصرخ، وأن ترفع صوتك، وأن تُزبِد وتُرعِد، وأن تُسمع الناس على بُعد كيلو متر ضجيجك وهديرك، لكنك لا تستطيع أن تقنعني.

تستطيع أن تتقعَّر في كلامك، وأن تتشدق في حديثك، وأن تلوي لسانك، وأن تمدَّ (بُوْزَك)، وأن تتفاخم وتتعاظم، لكنك لا تستطيع أن تؤثر في قناعتي الخاصة.

تستطيع أن تسبقني بالقول، وأن تحول الأمر لصالحك، لكنك ستسقط منذ الوهلة الأولى.

تستطيع أن تلحن بحجتك، وأن تدعي أن الحق لك، وتضغط بيديك المتعجرفتين لتلوي ذراعي، لكن ذراعي أقوى من ذراعك.

تستطيع أن تملأ الدنيا ضجيجا، لكن الدنيا ستسأم من صراخك اليوم أو غدا، ولن تسمح لك بالضجيج مرة أخرى.

تستطيع أن تتكئ على قوتك، وتعتمد على عضلاتك، لكنك ستنهار عند أدنى وخزة إبرة، لأنك انتفشت وانتفخت هواءً بلا معنى.

فوق عينيك ضباب يحجب عيوبك التي تخفيها في جلبابك المطرز، فاحذر.

في أذنيك وَقْرٌ يمنعك من سماع صراخك المزعج، وضجيجك السقيم الممل.

انتفخت كالبالون، وستطير في الهواء متغطرسا، لكنك ستتفرقع في لحظة ويسمع كل الناس ضجيجك الأخير.