نشر في مجلة محمود درويش: (ستهاجرون إلى أوروبا وتلتزمون بالقانون ولا تلقون أعقاب السجاير على الأرض ولا تدخنون في الأماكن العامة وتعبرون من الأماكن المخصصة للعبور وسيكون لديكم حس أمني حتى لو خطفت قطة من أمام نافذتكم ستبلغون الشرطة وستلبسون حزام الأمان عند قيادة السيارة وتضعون مقعد خلفي للطفل وتقفون في الطابور حتى لو كان طوله كيلومتر وعندما تحصلون على الجنسية الأوروبية وتنتخبون من يمثلكم ستبحثون عن تاريخه وماضيه ومهنيته ولو فعلتم كل ذلك ببلادكم لما دخلت عصابات الإجرام ولما سرقكم الأندال).

وإذا قارنا تلك الخصال مع ما يحدث في بلادنا سنجد النقيض تماما والسبب الواضح ميوعة تطبيق القانون والواسطة والمحسوبية فى حين أن فى الغرب الجميع سواسية أمام القانون فلا يجوز تخطى الدور أو ركن السيارة فى مكان ممنوع حتى لو كان وزيرا والسبب الأهم هو انحسار الولاء والانتماء للبلد فلو شعر كل منا أن أهمية المحافظة على نظافة الشارع والحديقة ووسائل النقل والأماكن العامة مثل أهمية حفاظه على منزله وممتلكاته الخاصة لتغير شكل المجتمع ولو دققنا فعلا فى تاريخ كل مرشح وتحرينا سابق جهوده واستعداده لخدمة أهل دائرته وزهده فى المنصب لما ابتلينا بما نحن فيه الآن.

ولو تقيدنا بالنظام واحترمنا القانون وأعلينا القيم والمبادئ والأخلاق فى تعاملاتنا لما تدهور حالنا ويقول أحد المستشرقين لو أردت هدم حضارة أمة فهناك طرق ثلاثة: هدم الأسرة وهدم التعليم وإسقاط القدوات وما ينبغى التركيز عليه فورا تثقيف وتعليم والعناية بصحة المرأة عماد الأسرة والمجتمع وهى الأم منشئة الأجيال وتركيز معظم مواردنا لتطوير التعليم والمناهج والإنفاق على البرامج التعليمية والتثقيفية وإعلاء التفكير عن الحفظ، واستهداف التعليم الفنى والتحويلى وإعادة هيبة المدرس والمدرسة وإعادة حصص الموسيقى والرسم والخط والرياضة الغائبة عن مدارسنا ثم لحاربنا المحاولات الخبيثة لهدم قامات العلماء والمثقفين والرواد والزعماء وإعلاء ثقافة الوفاء والاعتراف بالجميل ونسب الفضل لأصحابه عوضًا عن محو تاريخ كل من سبقونا لنعود روادًا كما كان أجدادنا وكتب حكيم: كنا رعاة أغنام فدخل علينا الإسلام فأصبحنا رعاة الأمم فاتبعنا الغرب وقلدناهم فأصبحنا أغناما ترعاها الأمم.