د. السيد الخطاري يكتب.. أبنائي.. بناتي.. فلذات أكبادي.. بلاش إعلام !


انفض مولد الثانوية العامة، ونجح فيه من نجح ورسب فيه من رسب، فتهانيننا لمن نجح، ودعوانتا لمن لم يوفق هذا العام بالنجاح في العام القادم، دعوتي اليوم لهؤلاء الذين يرغبون ممن نجحوا في الثانوية العامة هذا العام دخول كليات الإعلام ، ويتفق معي فيها الزميل الإعلامي الكبير سيد على حينما أكد في مقدمة حلقة برنامجه أول أمس بدعوة مشابهه لتلك التي اتبناه اليوم، فدعوني أنادي عليهم كما كان ينادي استاذنا الفنان القدير محمد صبحي على أولاده الأربعة في مسلسله الشهير (يوميات ونيس ) أبنائي ..بناتي ..فلذات أكبادي ... بلاااااااش إعلام ، ولكم مطلق الحرية في الاختيار، ولكن دعني أقدم لك بعض المعطيات التي تجعلني أنصحك باختيار مجال آخر تدرسه وتشتغل به بعد تخرجك وتقتحم من خلاله سوق العمل التي أصبحت طاردة للإعلاميين والإعلاميات.
فلك أن تعلم عزيزي أن عدد المطرودين من منظومة العمل الإعلامي في مصر بلغ ما يقرب من خمس آلاف إعلامي وإعلامية، والعدد قابل للزيادة اليومية نظراً للخطة التي يدير بها المسئولون هذة المنظومة الفترة الحالية، وسياسات الدمج بين العديد من المؤسسات الإعلامية والتي لا تهدف إلا لتقليل حجم العمالة فيها، فضلاً عن أن عدد الطلاب المقيدين بكليات الإعلام على مستوى الجمهورية بلغ 4137 طالباً وطالبة بناء على آخر إحصائية لطلاب الإعلام على مستوى الجمهورية أعدتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لعام 2018 ، وذلك بخلاف الطلاب المقيدين بأقسام الإعلام التابعة لكليات الآداب بالجامعات المختلفة، فهل تتصور أن السوق الإعلامي في مصر بظروفه الحالية يحتاج لمثل هذا العدد في ظل المتغيرات الحادثة الآن ؟
وللإجابة نقول أنه بالطبع لا، فأنا لا أتصور أن سوق الإعلام لم يعد قادراً على استيعاب العدد الحالي بكليات الإعلام على الأقل في الفترة الحالية وسط العديد من الظواهر التى تقلل من عدد الفرص المتاحة للخريجين، ومن سبقهم في السنوات الفائتة، ومن يبحث عن فرصة جديدة ممن أٌجبر على ترك وظيفته في جريدته أو قناته أو إذاعته، فلم يعد هناك تناسب بين عدد الخريجين واحتياجات سوق العمل، فكل هذه الظواهر تقول إن الفرص المتاحة لهذا الكم الكبير من خريجى كليات وأقسام الإعلام أصبحت محدودة بل أراها منعدمة، في سوق عمل بات مغلقاً أمام قدامي العاملين فما بالك بالخرجين الجدد ومن يتبعهم.
والغريب في الأمر أن من سنحت له الفرصة ويغزو السوق ويعمل الآن في الحقل الإعلامي ليس من بين هؤلاء الخرجين الذين أضاعوا سنوات العمر في الدراسة والتدريب، وهذا ما يحزننا ويجعلنا نعتصر، فليس كل من يمسك قلماً الآن صحفياً وليس كل من يقف الآن أمام الميكروفون إذاعياً وليس من يجلس الآن أمام الكاميرا علي كرسي المذيع مذيعاً، فنري كثيراً من البرامج يقدمها غير الإعلاميين، مما يضيع الفرصة بنظري علي بعض من يمتلكون مؤهلات ومميزات إعلامية للوصول إلي أماكنهم الصحيحة، فالإعلام بات بنظري مهنة أصبحت تأكل أبناءها، وأصبحت البطالة هي العنوان الرئيسي لممتهنيها وللعاملين فيها وخريجي كلياتها.. فلا أنصحك بها عزيزي الناجح في الثانوية العامة وعزيزتي الناجحة، وابحث لك عن مجال أو تخصص آخر مطلوب في سوق العمل، مجال تجد لنفسك فيه فرصة عمل بعد التخرج ، وأعود وأنادي عليكم من كل قلبي وأقول أبنائي ... بناتي ...فلذات أكبادي .. بلاش إعلام، حتى لا تندم وتهنأ بما تعلمت.