الدكتور جمال العربي يكتب .. تطوير التعليم نظرة من بعيد


إن التحدى الحقيقى أمام المجتمع المصرى بجميع طوائفه وأجهزته التشريعية والتنفيذية هو إحداث نقلة نوعية فى نظام التعليم المصرى والتحول من نموذج تربوى كهل متهالك إلى نموذج تربوى جديد ينتقل من :
التعليم الى التعلم ومن التلقين الى التفكير الناقد وينقل المحتوى التعليمي من الكتاب المدرسى إلى المعمل او الورشة التعليمية او البيئة بما تحوية من جماد ونبات وهواء وماء وتراث وثقافات
كما ينتقل من التعليم الجمعى إلى التعلم الذاتى بما يساهم فى إعداد مواطنين صالحين قادرين على إنجاح سياسة الدولة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق مجتمع العدالة والحرية والمواطنة والدخول بالمجتمع المصرى إلى مجتمع المعرفة والمنافسة العالمية.
وتتطلب عملية الإصلاح دراسة شاملة وواقعية تتناول تحليل كامل للواقع من انظمة ومحتوى وادوات بما فى ذلك بيئة التعلم بالاضافة الى المعلم بعدها يتم دراسة وحساب الفجوة بين الواقع الذى تفرزه هذه الدراسة وبين الهدف المنشود من العملية التعليمية وهو اعداد المواطن الصالح وفق معايير محددة ورؤية واضحة ترسم لنا صورة ومواصفات هذا المواطن معالم هذه الفجوة هى التى ستحدد لنا اوجه وعناصر التطوير المنشود على المحاور الثلاث المنهج والمعلم والبيئة التعليمية ثم طرق التقويم
وبداية فان اى عملية تطوير لا يمكن لها ان تغفل عما يلى:
اولا: المناهج
لقد آن الأوان للقضاء على سياسة المركزية في إعداد المناهج , وأن نمنح الحرية للمدرسة (او مبدئيا المديرية) في بناء وتخطيط المنهج الذي يلائم حاجات تلاميذها , وحاجات البيئة المحيطة , لخدمة المجتمع المصري بوجه عام وفق معايير ثابته ومحددة , ولا يعنى هذا الترسل والتخبط فى بناء المناهج بقدر ما يعني دورا فاعلا للتلاميذ والمدرسين والإدارة المدرسية , والموجهين , وأولياء الأمور ورجال المجتمع في وضع السياسة التعليمية وسياسة المنهج الدراسي . وفق سياسة عامة ومنهجية، واضحة فى عملية التطوير تقوم على فلسفة تربوية حديثة تعتمد على :
- نواتج تعلم تلبى حاجة المجتمع إلى التغيير:
فالمجتمع الان يحتاج إلى أجيال قادرة على التعامل مع معطيات مجتمع المعرفة والتنافس الدولى من خلال امتلاك مهارات ذهنية وإدارية فاعلة تتيحها منظومة المناهج المطورة وتمكن التلاميذ من المعارف المتقدمة وعلوم المستقبل.
- مهارات التعلم الذاتى مدى الحياة .
- مهارات الاتصال والتواصل.
- قيم المواطنة والحوار وقبول الآخر .
- التفكير الناقد والإبداع والبحث العلمي .
- التمكن من اللغة العربية الأم .
- التمكن من لغة أجنبية واحدة على الأقل .
- الحفاظ على تراث الأمة وأصالتها
الامر الذى يتطلب اعادة هيكلة وتحديد ادوار ومسئوليات مركز تطوير المناهج وتوفير كل سبل وادوات نجاحه
ثانيا: المعلم
- مما لا شك فيه أن إشتراك المعلم فى وضع سياسات وخطط المناهج وطرق التدريس واقتناعه بفلسفة التغيير والبناء يجعله فاعلا ومتفانيا فى اداء دوره التربوى والتعليمى.
- ولكن اذا كنا جادين فلابد ان نعيد للمعلمين وقارهم الذى افتقده الكتير منهم منذ ان وكل اليهم البحث عن سد احتياجاتهم المالية بسبب عجز ما يقدم اليهم من الوفاء بمتطلباتهم الحياتية مما كان له الاثر السيئ فى جعل المعلم ينصرف عن الاطلاع او التدريب لتطوير ذاته واكتساب المهارات الجديدة التى تمكنه من الابتكار
- كما كانت الطامة حين استشرى الامر فلم يتوقف عند حد سد الحاجة بل انتقل الى مرحلة التطلع الى الثراء من خلال العمل بالدروس الخصوصية واهمال المدرسة التى ياتيها المعلم منهكا يتطلع الى الراحة فيها من عناء الامس ليبدا يوم عمل جديد بالدروس الخصوصية مما كان له الاثر الاسوء على العملية التعلمية ككل وتقلص دور المدرسة التربوى والتعليمى بشكل خاص الامر الذى افقد الاسرة والطالب بل والمجتمع كله الثقة فى قدرات المدرسة مما دفع الاسرة للتحايل باساليب مختلفة من اجل الانقطاع عن المدرسة
ويتأتى اصلاح المعلم عن طريق :
- اعادة النظر فى معايير واساليب اختيار واعداد المعلم بكليات التربية
- تاهيل وصقل المعلم علميا وتربويا ودعمه بالبرامج التكنولوجية وبرامج ادارة الفصل وتخطيط الدرس وتخطيط الوقت والتواصل مع الاخرين وصياغة الاهداف واعداد الانواع المختلفة من اساليب التقويم والتقييم
- سد الاحتياجات المالية واعادة النظر فى كادر المعلم بما يضمن توفيرالحاجات وسد الاحتياجات لضمان تفرغ المعلم لاداء دوره التربوى
- ربط اى زيادة مالية او مكتسبات اجتماعية بما يحدثه المعلم من تطوير لادائه وتنمية لقدراته
- مد المعلم بالادوات والادلة التى تعينه على جودة الاداء
- اتباع اساليب جديدة للتعليم تقوم على التفاعل النشط بين المعلم والطالب والادوات يكون المعلم فيها
- موجه - مرشد - محفز - مساعد - ميسر
- وضع المعايير التى تحدد وتقيس الاداء وكذلك الانظمة والضوابط التى تمكن من محاسبة المقصر عن اداء دوره
ولنا مع بقية العناصر وقفة اخرى ان شاء الله