مقالات

أحمد عبدالعزيز يكتب ..كيف تدمر الدولة السياحة ؟ ـ 1

خط أحمر

استعرضنا في المقال السابق أن جهود الدولة لإستعادة حركة السياحة ماهو إلا علاج خاطئ لتشخيص خاطئ ... وكيف أن مشكلة السياحة المصرية هي في الأصل مشكلة تقنية وليست أمنية او سياسية . وعلي مدار عدد من المقالات القادمة سوف نستعرض نتائج التشخيص الخاطئ لمشكلة السياحة المصرية وكيف ساهمت الدولة في تدمير صناعة السياحة .

الوحي تأخر في النزول علي وزيرة السياحة ٤٠ عامآ
في جولتها الأسبوع الماضي بمعبد الكرنك ، قامت وزيرة السياحة الدكتورة رانيا المشاط بالدوران حول الجعران بجوار البحيرة المقدسة بالمعبد لجلب الحظ لها كما تروي الأسطورة المصرية القديمة . وما أن أنتهت من اللف حول الجعران ، نزل عليها الوحي وصرحت في وسائل الإعلام أن السياحة وألاثار وجهان لعملة واحدة .

يبدو أن الوحي قد تأخر علي السيدة الوزيرة ٤٠ عاما حيث كانت السياحة الثقافية هي عماد السياحة المصرية والمنتج السياحي المصري الوحيد تقريبا .

لم يهمس أحد في أذن الوزيرة الخبيرة في القطاع المالي بأن السياحة الثقافية الان لا تتعدي ٢٠ ٪؜ من حجم السياحة المصرية وأن السياحة الشاطئية بعد إنشاء مدن الغردقة ، شرم الشيخ ، مرسي علم ، دهب ، نويبع ، طابا ، سفاجا أصبحت السياحة الشاطئية هي المنتج السياحي المصري الرئيسي بل إنها وصلت لما يفوق ال ٨٠ ٪؜ من حجم السياحة المصرية في السنوات الأخيرة ... وسؤالي للسيدة الوزيرة : هل يجب ان نقول الأن أن السياحة و الشواطئ وجهان لعملة واحدة ؟

وزارة الطيران المدني ومصر للطيران معاول الدولة لتدمير السياحة المصرية !

ليس لوزيرة السياحة مستشار لقطاع الطيران أو نائب وزير من قطاع السياحة او مساعد وزير مارس مهنة السياحة وليس بالوزارة كوادر سياحية فجميعهم خبرات إدارية بما في ذلك هيئة تنشيط السياحة. نلتمس العذر للسيدة الوزيرة الخبيرة بالقطاع المالي بأن أحداً لم يقل لها أن مصر دولة تعتمد في سياحتها علي الطيران بنسبة ٩٣ ٪؜ حيث أن دول الجوار ليست دول مصدرة للسياحة ، أو لعدم سهولة التنقل نظرآ لمساحة مصر الشاسعة علي عكس أوروبا حيث يستطيع السائح التنقل من دولة لأخري بدراجة هوائية ، فالواقع يقول أن ٩٣ ٪؜ من السائحين القادمين إلي مصر يأتوا جواً مستخدمين الطيران .
لذا ، علي السيدة وزيرة السياحة إذا أرادت أن تختار وجهآ أخر للسياحة فيجب أن يكون الطيران لأنة بدون طيران لن توجد سياحة بمصر .
السؤال :-
هل مصر الدولة التي تعتمد علي ٩٣ ٪؜ من سياحتها علي الطيران لديها قطاع طيران قوي وناجح ؟

الحقيقة هي أن مصر من أضعف وأفشل دول العالم السياحية في قطاع الطيران المدني علي الرغم من اعتماد السياحة المصرية اعتمادآ رئيسيآ علي الطيران .
والسبب في ذلك هو الدولة المصرية نفسها ولا سبب غيرة .

تصر الدولة علي وجود وزارة للطيران المدني علي الرغم أن معظم دول العالم تستعيض عنها بما يسمي " سلطة الطيران المدني " وتكون تابعة لوزارة النقل .

وعلي الرغم أن في مصر أيضآ سلطة طيران مدني " هيئة الطيران المدني " إلا أن الدولة تصر علي وجود وزارة للطيران المدني بحجة أن الأجواء المصرية أمن قومي .

لماذا تصر الدولة علي وجود وزارة بها مايقرب من ١٥ الف موظف وعملها شبه الأساسي الأشراف علي شركة طيران فاشلة ؟..  وأقصد بها " مصر للطيران " والتي يعمل بها مايقرب من ٣٥ ألف موظف وتمثل ديونها مايقرب من ١٥ ٪؜ من حجم الدين الخارجي لمصر .

نعم مصر للطيران كانت من رموز الاقتصاد المصري ولكنها أصبحت حملآ ثقيلآ علي الاقتصاد المصري وسبب رئيسي لفشل وتأخر السياحة المصرية بما تقوم به الدولة من فرض قوانين حماية لعدم منافستها لتضمن بقاء الشركة وعدم إنهيارها بقطع الطريق علي شركات الطيران الخاصة لتتوسع في أنشطتها ومنافسة مصر للطيران لتخفيض الأسعار حتي أصبحت سعر تذكرة السفر لأسوان أغلي من سعر التذكرة لأسطنبول .

ونتيجة لقوانين الحماية تلك ، أصبح قطاع الطيران في مصر قطاع مريض وضعيف وغير قادر علي المنافسة وانحصر الاستثمار في قطاع الطيران مما أدي لاستحواذ شركات الطيران الأجنبية علي ٩٠ ٪؜ من حركة الطيران العارض الذي يخدم السياحة المصرية وهو مايفقد الدولة مالايقل عن ٤ مليار دولار سنوياً ويضعف من نمو حركة السياحة إلي مصر .

بالتأكيد لا تعلم القيادة السياسية و لا الحكومة ماتفقدة الدولة نتيجة لقوانين الحماية المفرطة لصالح مصر للطيران لما يقدم من تقارير مغلوطة من حراس الفشل المستفيدين من ذلك ، خاصة من عدم إظهار حقيقة أن أسلوب إدارة مصر للطيران ونظام التشغيل للشركة هم أسباب خسائرها الفادحة . فكيف لشركة بها ٣٥ الف موظف يصرف لهم علاوات و مكافئات وحوافز و علبة حلاوة المولد وهي تحقق خسائر بمليارات الدولارات ؟ ... فماذا سيصرف لهم لا قدر الله لو أن الشركة تحقق أرباح ؟

للقيادة السياسية والحكومة أقول ...الإفراط في حماية مصر للطيران قد دمر قطاع الطيران المصري وأضعف االسياحة المصرية وسبب رئيسي من أسباب تباطئ نموها وقلل من مواردها المالية بما تفقدة الدولة لصالح شركات الطيران الأجنبية والتي وبكل أسف تدعمها وزارة السياحة بدعم نقدي من خلال برنامج تحفيز الطيران العارض .

أقولها بكل وضوح

يجب علي الدولة أن تتخذ خطوات جادة في إصلاح قطاع الطيران في مصر وتتخذ سياسات أكثر مهنية فيما يخص وزارة الطيران المدني وشركة مصر للطيران بأن تقوم بالأتي :-
(١) إلغاء وزارة الطيران المدني
(٢) ضم هيئة الطيران المدني إلي وزارة النقل مع الإبقاء عليها هيئة مستقلة.
(٣) بيع ٤٩ ٪؜ من شركة مصر للطيران والشركات التابعة لها ( عدا شركة الخدمات الأرضية ) كونها أمن قومي إلي شركاء دوليين ممن لهم ديون علي مصر مثال الخطوط السعودية - لوفتهانزا - الإماراتية - الخطوط الفرنسية ، بذلك نضمن نجاح الشركة بالإستفادة من أنظمة التشغيل و أنظمة الحجز لهذة الشركات مما يسمح لمصر للطيران بالوصول لوجهات جديدة وحصولها علي نسبة من ركاب تلك الشركات بالإضافة لسداد جزء من ديون مصر الخارجية لهذة الدول من نسبة ال ٤٩ ٪؜ المباعة لهم .

أتمني أن أكون أوضحت للسيدة وزيرة السياحة أن الطيران هو الوجه الأخر للسياحة وأن تجد بوزارتها من يعرف ويوضح لها الدور الحقيقي لوزارة السياحة وهو التخطيط الجيد والدعم اللوجستي لتنجح في تحويل السياحة لصناعة مستدامة وأن تقوم بدورها علي طاولة مجلس الوزراء وتحارب داخل المجلس لمتطلبات دعم صناعة السياحة .

أحمد عبدالعزيز كيف تدمر الدولة السياحة
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة