نيفين منصور تكتب ... قبل وبعد !


في هذا الزمان، أصبح نادراً ما تجد إنساناً ثابتاً علي مبدأه، صادقاً في كلمته، يسعي لتنوير العقول ورفع الوعي لدي الآخرين.أمثلة متكررة في جميع المجالات، لا تقتصر علي نوعية عمل محددة، إنما أصبحنا جميعاً نعاني منها أشد المعاناة، بكل بساطة لم نعد نتقبل البعض بعد التعديل
البعض يظهر للناس في بداياته بصورة ودودة مشرقة، خدوم تلقائي صاحب صاحبه كما يقال باللغة العامية الدراجة، وبعد خطوات في مشوار حياته وبعد أن تمكنه الأيام من الآخرين تجده إنساناً آخر جديداً لا تعرفه ، إنساناً لونته المصالح، حتي أصبح معدل بوجه آخر مختلف.
أحياناً تصبح عملية التبديل للنقيض ، فتحتار بين ما كان عليه هذا الشخص من قبل وما أصبح عليه بعد التعديل ، أشكال ملونة لا يمكن التفاعل معها أو تصديقها، قد ينخدع البعض فيهم لوقت، ولكن التاريخ لا يموت مهما حاول الإنسان محوه، فهو يلازمه كما تلازمه صحيفة أعماله، التي يوماً ما سوف يقرأها بنفسه ويشهد علي ما فعله، حينها لن يستطيع الإنكار أو الهروب من الوجوه التي تلون بها
هل أصبحت المادة وحب الظهور وطلب الشهرة عوامل مؤثرة لهذا الحد علي عقول البشر؟ فتتلون الوجوه وتغيب الضمائر وتتبدل الأقاويل حين يصل البعض لمبتغاه؟ أشفق علي هؤلاء ، فالغفلة والانبهار بمفاتن الدنيا يفقدهم الطريق السليم للآخرة.
تابعت بعض الشخصيات في مجالات مختلفة قبل وبعد، فوجدت نفسي لا أعرفهم، تغيرت إطلالاتهم وتغيرت الكلمات والمبادئ، والهدف الأساسي لديهم الصعود علي أنقاض الآخرين، فقدوا المصداقية لدينا، وأصبحت المصالح الشخصية تطغوا علي العلاقات، فالأصدقاء الحقيقين تلاشوا مع الزمن وسط الزحام، وأصبح البعض فقط يمشي وفقاً للمثل الدارج المصالح بتتصالح
شخصيات متسلقة انتشرت في كل مكان، والهدف محدد مهما بلغت التضحيات ، أصبحوا منفذ لسخرية الآخرين ممن يدققون ويرصدون كل من ظهرت عليه أعراض التسلق قبل وبعد، يجد مع الزمن من يجمع له أوراق التاريخ ، وفِي الوقت المناسب تظهر تلك الأوراق وينفضح أمر كل متسلق.
الأخطر منهم من يحالفه الحظ فيعمل في مجال الكلمة، مسموعة كانت أم مرئية أم مقروأة، والموهوب منهم من يصل إلي غسل العقول، فيتلاعب بالكلمات كما يتلاعب الحواة بالأفاعي، ويوجه قبلة الآخرين إلي حيث يريد، دون أن يدرك أنه مسئول أمام المولي عز وجل عن كلمته، سوف يأتي يوماً وتتبدل فيه الأرض غير الأرض ، ولن ينفع المرء إلا ما قدمت يداه، فليتذكر الجميع ما ورد في سورة ابراهيم ، قول الله تعالي (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَٰذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )