مقالات

الدكتور فتحي الشرقاوي يكتب: نمط من الناس

خط أحمر

عندما يتعرض الفرد لموقفٍ ضاغط، نجده يؤذي نفسه، إما بضرب رأسه أو خبطها، أو اللطم على وجهه، أو تمزيق ملابسه، وأحيانًا بإصابة نفسه بالجروح والكدمات.
ويتساءل الجميع: ما الذي قد يدفع شخصًا ما إلى إيذاء نفسه بهذا الشكل غير المنطقي؟
هيا معًا نستعرض بعض تلك الأسباب، مع العلم أن كل سبب منها يحمل بداخله أسلوبًا للعلاج.

أولًا:
عندما يجد الفرد نفسه في صراع ما، ويشعر بأن إمكاناته وقدراته واستعداداته غير كافية للدخول في هذا الصراع وحسمه لصالحه، فإنه سرعان ما يشعر بالعجز والتوتر.
وحينئذ، يصبح إيذاؤه لنفسه بدلًا من إيذاء الطرف الآخر المتصارع معه تصرفًا يحمل أكثر من معنى دفين داخل أعماقه.

المعنى الأول:
عقاب الذات على مشاعر الضعف والعجز.

المعنى الثاني:
محاولة كسب ود الآخرين وتعاطفهم، من خلال تقديم نفسه كضحية وضعيف، حتى لو كانت النتيجة خسارته لصورة ذاته أمامهم.
هؤلاء الأفراد يعانون من هشاشة نفسية عالية، لدرجة أن أي ضغط، حتى وإن كان بسيطًا، قد يدفعهم بسرعة لتحويل كل انفعالاتهم الغاضبة، التي كانت في طريقها للخروج نحو الآخرين، إلى داخل أنفسهم وضد أنفسهم.

ردود أفعالهم الخارجية بطيئة جدًا؛ فعندما يضايقهم الآخرون، نجدهم لا يجيدون فن وسرعة الرد، ويكتفون – بعد انتهاء الموقف الضاغط – بإجترار السيناريوهات والأفكار والتخيلات والتصورات التي فشلوا في تحقيقها أثناء الموقف المتأزم.
وهذا في حد ذاته نوع من الاحتراق النفسي، يجعلهم يعتدون على أنفسهم من شدة الإحساس بجلد الذات.

هؤلاء الأفراد دائمًا ما يحاولون كسب حب الجميع، مع حرصهم الزائد على الظهور بصورة مثالية أمام الآخرين، مما يجعلهم يمتصون سخافات غيرهم دون أن يبادلوها بردود أفعال مماثلة، وهو ما يزيد من حدة احتقانهم النفسي، والذي يظهر لاحقًا في صورة إيذاء للذات.
ونظرًا لعدم قدرتهم على حل مشكلاتهم بطريقة عقلانية، فقد يؤدي هذا الفشل إلى انفجار مشاعرهم السلبية تجاه أنفسهم، عقابًا لها على ضعفها وهشاشتها.

فما هو العلاج؟

  • التدريب على التفريغ الانفعالي أولًا بأول، في ضوء محددات الواقع ونوعية شخصية الآخرين ومكانتهم.

  • التدريب على حل المشكلات بطريقة عقلانية، دون الانغماس في الانفعالات أو التوتر أو الاندفاع.

  • التدريب على التعامل مع الآخرين – خصوصًا السيئين منهم – من منظور الرد الواعي عليهم، وليس فقط السعي لاستقطابهم بهدف كسب تعاطفهم.

  • التدريب على تنمية الثقة بالنفس.

فلنتذكر دائمًا أن علم النفس هو علم للحياة، وليس للمَرضى فقط.

الدكتور فتحي الشرقاوي نمط من الناس خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة