مقالات

أحمد عبد العزيز يكتب..خطة الدولة لقطاع السياحة علاج خاطئ..لتشخيص خاطئ

خط أحمر

شهدت السياحة المصريه تراجعا كبيرا منذ إندلاع ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ نتيجة للأوضاع الأمنية و السياسية التي مرت بها مصر وعلي مدار السنوات الثمانية المنصرمة لم يتوقف الحديث عن جهود الدولة لأسترجاع حركة السياحة نظرا لدورها الرئيسي في الاقتصاد و البعد الاجتماعي حيث يعمل بها ما يقرب من ٥ مليون مواطن بشكل مباشر وغير مباشر

الا أن الدولة و أجهزتها متمثلة في وزارة السياحة لم تنجح في إحتواء أزمه السياحة .مما دفع الجميع في مصر سواء بداخل الحكومة أو بقطاع السياحة أوالقطاع المالي والأقتصادي أوحتي المواطن العادي .

الجميع يتسأل عن أسباب فشل الدولة المصرية في أستعادة حركة السياحة وتتلخص تلك التساؤلات في الأتي :-

١- هل مشكلة السياحة المصرية هي مشكلة أمنيه، أم سياسية ،أم تقنية ؟

٢- لماذا تتعافي السياحة في دول الجوار مثل تركيا و تونس و المغرب من الحوادث الإرهابية والسياسية و لا تتعافي في مصر ؟

٣- ما هي أسباب فشل جهود الدولة المصرية لإستعادة حركة السياحة ؟

٤- هل الدولة المصرية هي السبب في مشكلة إستعادة حركة السياحة ؟

٥- من هو الوزير المطلوب لوزارة السياحة في الوقت الحالي ؟

علاج خاطئ ...... لتشخيص خاطئ ..

جملة ذكرها الرئيس السيسي في أحد خطاباته واصفا بها ماحدث في عام ٢٠١١ . وبنفس الجملة نصف جهود الدولة لإستعادة حركة السياحة المصرية . لأنة علي الرغم من كل الجهود المبذولة من قبل الدولة و علي الرغم من إستبدال الوزراء واحد يلو الأخر،وعلي الرغم من المبالغ الطائلة التي أنفقتها الدولة في الترويج السياحي ، وعلي الرغم من إستبدال الخطط والاستراتيجيات من قبل الدولة ممثلة في وزارة السياحة ، الا أنها لم تفلح في تحقيق أهدافها في إستعادة حركة السياحة لمعدلاتها الطبيعية ، وهو ما يوضح أن تشخيص مشكلة السياحة المصرية هو تشخيص خاطئ .

بالتالي العلاجات المطروحة أيضا خاطئة.. لذا ،لم تنجح الدولة في خططها لإستعادة حركة السياحة ، ولوضع العلاج المناسب لمشكلة السياحة المصرية فإنه يجب علينا إعادة تشخيص المشكلة والوصول للتشخيص المناسب يجب أولا الأجابة علي الأسئلة الخمسة السابقة .

بدون شك أن الإنفلات الأمني وموجة الحوادث الإرهابية بعد أحداث يناير ٢٠١١ كان له تأثير كبير في إنحسار حركة السياحة الي مصر، فدوما العلاقة بين الحالة الأمنية و التدفقات السياحية هي علاقة عكسية ،أما الضغوط السياسية الخارجية المقصود بها التدخل في إستقلالية القرار السياسي المصري وذلك بالضغط علي موارده الاقتصادية ممثلة في قطاع السياحة ، فكان مقصودآ وممنهجآ سواء من أوربا الغربية في محاولاتهم مساعدة النظام الإخواني للوصول لحكم مصر ، أو من الروس لاحقآ للحصول علي تسهيلات معينه لهم علي الأراضي المصرية .

لذا ، وكما يبدو أن مشكلة السياحة المصرية هي مشكلة أمنية وسياسية وهو ماتبنتة خطة الدولة في تشخيصها لمشكلة السياحة وهو ما رسختة وزارة السياحة عندما اقنع به أحد وزراء السياحة في فترة ما بعد ٢٥ يناير القيادة السياسة وراح يروج لمقولة الأمن أولا و " أعطيني أمن...أعطيك سياحة " .

إنما في الواقع هذا الوزير قد ضلل القيادة السياسية وأهدر الوقت والجهد والمليارات من أموال الدولة حين وضع تشخيص خاطئ لمشكلة السياحة المصرية .

نعم الحالة الأمنية تؤثر علي حركة السياحة ، نعم تتحكم السياسة والضغوط السياسة علي حركة السياحة . إنما واقعيآ وعلي عكس مايتوقعة الجميع فان مشكلة السياحة المصرية هي مشكلة تقنية بحته بدأت منذ ثلاثينيات القرن الماضي عندما بدأت شركة " توماس كوك الإنجليزية " بتنظيم رحلاتها السياحية إلي مصر بعد إكتشاف الإنجليزي " هاورد كارتر " لمقبرة " توت عنخ أمون " ... ومن حينها أعتمدت السياحة المصرية علي السائح الأوربي حتي مثلت السياحة من دول أوربا الغربية ٧٣ % من حجم السياحة المستجلبة ، حتي أصبحت السياحة المصرية مرهونة بالسائح الأوربي ، وأعطت الفرصة لأوربا الغربية وبعدها الإتحاد الأوربي ومؤخرا روسيا ليتحكموا في حركة السياحة إلي مصر ، ومن ثم محاولاتهم التدخل في الشئون الداخلية و القرار المصري مستخدمين سلاح تحذير السفر إلي مصر ، لم تنتبة الدولة المصرية منذ ثمانينيات القرن الماضي مع موجة الإرهاب الأولي لضرورة تنويع مصادر السياحة المصرية بتنويع الأسواق و إستغلال التنوع الطبيعي للمنتج السياحي المصري لإمتصاص صدمات الحوادث الإرهابية وتقليل الضغط السياسي علي مصر بإستخدام السياحة كورقة ضغط .

لم تنجح الدولة المصرية في العقود الأربعة الأخيرة في وضع أستراتيجية فعالة لحماية ثرواتها السياحية وتعظيم مواردها المالية منها لتكون صناعة مستدامة ومورد رئيسي ودائم للدخل القومي ، وهو ما نجحت فيه بلدان أخري لا تمتلك ١٠ % من ثروات مصر السياحية علي الرغم من الظروف السياسية و الأمنية المشابهة للحالة المصرية ، نجحوا هم بمواردهم السياحية القليلة ، وفشلنا نحن بمواردنا السياحية الهائلة.. نجحوا هم لأنهم أمتلكوا التقنيات والفكر الاستفادة من الخبرات . وفشلنا نحن لأننا امتلكنا الافتاءات و اعتمدنا علي أهل الثقة لا أهل الخبرة .

رأينا حوادث إرهابية في تونس و تركيا أبشع وأشد من تلك التي تحدث في مصر . ولكنهم نجحوا في التعافي منها في فترات زمنية قصيرة،لأنهم امتلكوا قطاع طيران قوي يستخدم كذراع طولي لدفع حركة السياحة لبلدانهم وقت الحاجة ، و أمتلكوا فروع لشركات وطنية بالدول المصدرة للسياحة لمواجهة ورقة التحذي... بينما نحن نبقي علي وزارة لا دور لها سوي إدارة شركة طيران فاشلة و ألفنا لها قوانين حماية كي تبدع في الفشل حتي أصبحت أهم أسباب فشل السياحة المصرية . بل وذهبنا لأبعد من ذلك بدعم الشركات الأجنبية بدعم نقدي بدلا من أن نستخدم تلك الأموال في إنشاء كيانات سياحية وطنية لنا بالخارج تنافس تلك الشركات الأجنبية التي تلقي لنا بفتات خيرات سياحتنا و تستحوذ هي علي العائد الأكبر .. تلك الشركات التي ندعمها حتي الأن علي حساب شركتنا ، شركتنا الوطنية لتتحكم في مواردنا السياحية .

ربما عدم أختيار وزير السياحة المناسب في السنوات ال ٨ الأخيرة كان أيضا نتيجة التشخيص الخاطئ لمشكلة السياحة المصرية . فكانت الأختيارات جميعها غير موفقة وكانت إما لتوازنات سياسية طائفية أو معتمدة علي تقارير جهات رقابية من منظور النذاهة  وليس الخبرة ، أو لمجالات شخصية . والنتيجة فشلوا جميعآ لأن لا أحد منهم عرف التشخيص الحقيقي لمشكلة السياحة المصرية .

فالوزير المطلوب للمرحة الحالية يجب أن يكون بخلفية دبلوماسية لحل مشكلة التحذير التي مازالت السياحة المصرية تعاني منها وتمثل التشخيص الحقيقي لمشكلة السياحة المصرية . والعمل  علي دمج السياحة في الميزان التجاري وأتفقات الشراكة الأستراتيجية بين مصر والكيانات الخارجية وأتفقات التجارة المشتركة بين مصر والدول المصدرة للسياحة .

لتكون السياحة ورقة ضغط لنا وليست علينا . مع أستعانة هذا الوزير بنواب وزراء تقنيين يعملوا علي ملفات تنويع الأسواق وإعادة خارطة السياحة وخلق كيانات سياحية بالخارج تكون أذرع خارجية لدعم السياحة المصرية . بأن يستخدم جزء من الأموال الطائلة التي تصرف علي الترويج السياحي وبدون نتائج ملموسة علي تلك الكيانات لتكون ظهير أستراتيجي وتحويل السياحة المصرية لصناعة مستدامة غير مستهدفة . وأستعير جملة أخري للرئيس السيسي " اللي مش فاهم .... يجي نفهمة "

 

أحمدعبد العزيز خطة الدولة قطاع السياحة علاج خاطئ شخيص خاطئ خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة