مقالات

محمد موسي يكتب..دحلان..وتداعيات فشل صفقة القرن !!

خط أحمر

 

منتدى الغد للشرق الأوسط 2019 والذي انعقد منذ فترة وجاء بعنوان " المهمة المستحيلة.. خطة ترامب المؤجلة للسلام في الشرق الأوسط " .. هذا المنتدي الذي احتضنته العاصمة البريطانية لندن ، وشارك فيه لفيف من الدبلوماسيين والساسة وأصحاب الشأن والإعلاميين والمتابعين للشأن الفلسطيني والصراع العربي الإسرائيلي،وتحدث في المنتدى عدد من الشخصيات العالمية مثل القيادي الفلسطيني محمد دحلان والمبعوث الأمريكي السابق إلى الشرق الأوسط دينيس روس والدبلوماسي السابق كبير مترجمين الحكومة الأمريكية جمال هلال بالإضافة إلى ديفيد ماكوفسكي مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط بمعهد واشنطن .

هذه الجلسة التي بحثت في آفاق ما بات يعرف في وسائل الإعلام بصفقة القرن،قد أوضح المتحدثون من خلال خبراتهم الطويلة في عملية السلام والتفاوض بين الإسرائيلين والفلسطينيين، وكيف تغير الدور الأمريكي في القضية الأقدم بالمنطقة العربية خلال العصر الحديث.

وما قرأته من خلال ما أفرده المتحدثين في كلماتهم خلصت منه بمفهوم أن الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب قد تغير دورها في القضية الفلسطينية بعدما قررت نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كما أن ما تسرب عن الصفقة التي يعدها الرئيس ترامب لإحلال السلام في الشرق الأوسط لا يعكس إرادة أمريكية واضحة لتنفيذ حل الدولتين ، وإنما يعكس واقع أخر تعرض إليه القيادي الفلسطيني محمد دحلان ، الذي وصف مصطلح "صفقة القرن" بأنه لا ينطبق على الحالة الفلسطينية ولا توجد مقومات لتنفيذه، وأشار " دحلان " إلى مشاركته كمفاوض منذ عام 1993، وخلال المفاوضات كانت هناك على الدوام صعوبات، إلا أنه كانت بها نقاط يمكن النقاش حولها والتوصل إلى قواسم مشتركة في النهاية، ولكنه أوضح أن الإدارة الأمريكية الحالية في معالجتها للبنود الواردة في الصفقة تسير في الطريق نحو الفشل بسرعة "قطار ياباني" – بحد وصفه.

وفي الحقيقة أتفق مع السيد" دحلان " في أن أي اتفاق يحتاج إلى موافقة الطرفين إذا كان الهدف الوصول الى اتفاق، وهذا في الحقيقة بديهي فلا يوجد إتفاق من طرف واحد أو طرف يملي شروطه علي الأخر ... فالطريقة التي تُسرب بها الإدارة الأمريكية بنود "صفقة القرن" تكشف أنها تنحاز تماما إلى الجانب الإسرائيلي وتناصب العداء لمصالح الشعب الفلسطيني، وهذا ما تحدث فيه السيد " دحلان " حيث قال أن هناك طرق مختلفة لمعالجة القضية بدون المساس بمصالح الشعب الفلسطيني ،وأن هناك قضايا جوهرية ليس لها علاقة لا بالتجارة أو بالتنظير، وأنها تتعلق بروح الشعب الفلسطيني.

وأهم ما إستوقفني في حديث السيد " دحلان " في " المنتدي " .. ما أدلي به بخصوص القدس التي هي في الأساس شأن عربي قبل أن تكون شأن فلسطيني ، وقد قال السيد " دحلان " حرفياً أنه عندما يمس الموضوع القدس فإن الأمر يتعلق بكل المسلمين من فلسطين وخارجها، ورأى أن الطرفين في تلك المرحلة ليسا على استعداد لأفكار تُعرض في الهواء دون مراعاة تراعي مشاعر الشعب الفلسطيني ولا المصالح العربية ، وهنا أتفق معه تماما لأن القدس ليست فلسطينية فقط بل تمس المسلمين والعرب والفلسطينيين، وهذا يتعارض تماماً مع المسار الأمريكي الحالي الذي لن يؤدي بشكله هذا إلى نتائج إيجابية ولن تكون في صالح أحد .

عزيزي الذي يقرأ مقالي هذا ... من المهم أن لاننسي ما إقترفته حركة " حماس الإخوانية " من أخطاء كارثية في حق القضية الفلسطينية برمتها وهنا يتفق معي السيد " دحلان " في كلمته التي ألقاها وبكل جرأة وبدون مجاملات أو محاصصة سياسية ولكن سيطر عليها الطابع المباشر والوضوح المطلوب لأن في الحقيقة الأمر " جد صحيح " ومن لا يعلم ذلك فهو مغيب ،السيد " دحلان تحدث عن أخطاء" حماس " وأوجزها في عدة جمل مباشرة وهامة ومنها ما إرتكبته الحركة من خطأ كبير في الانقلاب في غزة عام 2007، بعد أن جمّلت لها دولا عربية وشخصيات من جماعة " الإخوان الإرهابية " فكرة السيطرة على غزة وتوسيع تمثيلهم للفلسطينيين .. وهنا وضع السيد " دحلان يده فوق الجرح حيث لخصه في " أن هذا الانقلاب خسر منه الشعب الفلسطيني وخسرت منه "حماس" وخسرت منه "فتح" أيضا، وفي النهاية خسر كل النظام السياسي الفلسطيني وأربك المشهد العربي برمته وفي النهاية صب في صالح إسرائيل .

وحديث السيد "دحلان " عن الاستمرار في الانقسام ووصفه بأنه جريمة مكملة للخطأ الأول،كان تفنيد في مكانه لأن الضمانة الأولى لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني هي إعادة بناء الوحدة الوطنية، ولذلك يجب على الفلسطينيين تقديم خطة لإعادة بناء النظام السياسي وخطة لإعادة اللحمة لمواجهة الاحتلال بمطالب واضحة ... وفي الحقيقة أري كمواطن عربي أن السيد محمد دحلان تقدم بوصف دقيق لكل ما يحدث في هذا الملف الهام ملف القضية الفلسطينية التي تعد الملف الأول للعرب .

حديث السيد " دحلان " عن ما تسوق له إسرائيل كان أيضاً مشمول بالجرأة التي تتحلي بالعروبة الصادقة في وقت لا نحتاج فيه إلي مجاملات ، وما قاله السيد" دحلان " إلى أن إسرائيل سوقت إلى "كذبة كبرى" بأنها انسحبت من قطاع غزة، لكنها انسحبت من داخل المدينة وتحاصرها من الخارج وتمنع الدخول والخروج، ووضعت 2 مليون فلسطيني في سجن كبير،هو الحقيقة بعينها ومن لا يتفق علي ذلك فعليه أن يخرس ولا يتحدث .

وفي الحقيقة ليست هناك مصلحة إسرائيلية وفلسطينية لدمج أبناء القطاع في السلطة الفلسطينية وإعادة بناء نظام سياسي يسمح لـ2 مليون فلسطيني أن يعيشوا بحرية وكرامة، مؤكدًا أنه سيكون مخطئ من يعتقد أو يحلم بالقضاء على حماس أو على الشعب الفلسطيني في غزة.

وما أوضحه السيد " دحلان " أثناء مشاركته في المنتدي بخصوص خطورة الوضع في مكانه أيضاً حيث ، أنه لا يوجد سواء رئيس أومواطن فلسطيني أو رئيس أو ملك عربي يستطيع القول إن القدس لإسرائيل،فهذا خطورته كبيرة لأن ما يجري خلال العامين الماضيين هو تعبئة الشعب الفلسطيني لكي يبقي في صراع أبدى مع إسرائيل ، وأن استكمال الصفقة وما تشمله عن القدس والأماكن الدينية المقدسة ستكون كلمة سر لانفجارات جديدة مع إسرائيل، وتحذير السيد " دحلان " من أن المساس بالقدس والأماكن الدينية الإسلامية أو المسيحية سيجلب صراعًا دمويًا نحن في غنى عنه كان تحذير في مكانه ويحتاج أن يتدبر فيه كل من يعمل في هذا الملف .

وتحذير السيد " دحلان " من تبعات مخاطر ما يجري بهدف غير معلن مفاده دفن فكرة "حل الدولتين"بشكل نهائي، فهذا من وجهة نظري لن يجلب سوي أخذ الجميع إلي أنفاق مظلمة لن يستفيد منها أحد ، لأن الواضح للعيان هو أن فكرة " حل الدولتين " تتلاشي من خلال السلوك الأمريكي ومن خلال سلوك "نتنياهو" على الأرض، وهذا الأمر سيدفع الشعب الفلسطيني للمطالبة بحل الدولة الواحدة، وهو ما سيعقد الصراع مدى الحياة ... وفي نهاية تحليلي لما جاء في هذا المنتدي أري أن ما سرده وتحدث فيه السيد " محمد دحلان " هو قول الفصل اذا أراد أحد أن يساهم في حل هذه القضية عليه دراسة وتحليل كل كلمة جاءت في خطابه .. لأن العرب والفلسطينيين يمتلكون من الصبر والإصرار ما يجعل قضيتهم حية للأبد ونحن العرب لن نقبل بالتنازل عن حقوق الفسطينيين مهما كان الثمن .

محمد موسي دحلان تداعيات فشل صفقة القرن منتدي الغد الفلسطينيين ترامب القدس خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة