مقالات

خالد السيد يكتب .. المسؤولية المجتمعية والتنمية المستدامة

خط أحمر

لم يكن مفهوم المسؤولية الاجتماعية في النصف الأول من القرن العشرين معروفا بشكل واضح، حيث تحاول المنشآت المنشآت دورا أكبر تجاه البيئة التي تعمل فيها.

وفي هذا الإطار فقد عرف مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة المسؤولية الاجتماعية بأنها " الالتزام المستمر من قبل مؤسسات الأعمال بالتصرف أخلاقيا والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، إضافة إلى اﻟﻤﺠتمع المحلي واﻟﻤﺠتمع ككل".

كما عرف البنك الدولي مفهوم المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال على أنها "التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم و المجتمع المحلي لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آن واحد".

أما الغرفة التجارية العالمية فقد عرفت المسؤولية الاجتماعية على أنها "جميع المحاولات التي تساهم في تطوع الشركات لتحقيق تنمية بسبب اعتبارات أخلاقية واجتماعية، وبالتالي فإن المسؤولية الاجتماعية تعتمد على المبادرات الحسنة من رجال الأعمال دون وجود إجراءات ملزمة قانونيا".

مفهوم المسؤولية الاجتماعية مفهوم متغير ودائم التطور وهو مرتبط بشكل عضوي بالتنمية المستدامة حيث يوجب على الشركات بجانب البحث عن الثروة والربح الاهتمام بالبيئة والمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يتوجب عليها كذلك العمل في إطار من الشفافية والمحاسبة، ومراعاة أخلاقيات الأعمال وحقوق الموظفين والعمال، ومحاربة الفساد والمنافسة الشريفة، وتتعدى مسؤوليات الشركات المساهمة في الأعمال الخيرية لتشمل توفير آليات فاعلة للتصدي للتحديات الاجتماعية القائمة ومحاولة إيجاد الحلول لديها، وتوفير الدعم والمساندة من قبل إداراتها العليا ومجالس إدارتها من أجل التوصل إلى التنمية المستدامة في المجتمعات التي تعمل بها سواء على المستوى المحلي أو العالمي.

وهناك أربعة مؤشرات أساسية يتم من خلالها تقييم المسؤولية الاجتماعية:

• مؤشر الأداء الاجتماعي للعاملين بالمؤسسة: ويشمل جميع تكاليف الأداء بخلاف الأجر الأساسي الذي تقدمه المؤسسة للعاملين فيها بغض النظر عن مواقعهم التنظيمية أو نوع أو طبيعة أعمالهم وتقوم المؤسسة بالالتزام بتوفير كافة العوامل اللازمة لخلق وتعميق حالة الولاء وانتماء العاملين كالاهتمام بحالتهم الصحية وتدريبهم وتحسين وضعهم الثقافي والاهتمام بمستقبلهم عند انتهاء فترة خدماتهم و ما إلى ذلك.

• مؤشر الأداء الاجتماعي لحماية البيئة: ويشمل كافة تكاليف الأداء الاجتماعي المضحى بها لحماية أفراد المجتمع المحيط الذي تعمل المؤسسة داخل نطاقه الجغرافي حيث تحاول جاهدة رد الأضرار عن البيئة المحيطة والمتولدة من أنشطتها الصناعية، وهذه تشمل على تكاليف حماية تلوث الهواء و البيئة البحرية والمزروعات والأعشاب الطبيعية وتلوث المياه وما إلى ذلك.

• مؤشر الأداء الاجتماعي للمجتمع: ويتضمن كافة تكاليف الأداء التي تهدف إلى إسهامات المؤسسة في خدمة المجتمع مشتملة بذلك على التبرعات والمساهمات للمؤسسات التعليمية والثقافية والرياضية والخيرية ثم تكاليف الإسهامات في برامج التعليم والتدريب الاجتماعي ومشاريع التوعية الاجتماعية.

• مؤشر الأداء الاجتماعي لتطوير الإنتاج: وتشمل كافة تكاليف الأداء التي تنصب في خدمة المستهلكين حيث تتضمن تكاليف الرقابة على جودة الانتاج وتكاليف البحث والتطوير ثم تكاليف ضمانات المتابعة ما بعد البيع وتدريب وتطوير العاملين وغيرها من الخدمات التي تحقق حالة الرضا عن المنافع المتأتية من المنتجات والخدمات المقدمة إلى المستهلكين.

وقد بدأ رسميا في اليوم الأول من يناير 2016 سريان أهداف التنمية المستدامة الـ 17 لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي اعتمدها قادة العالم في سبتمبر 2015 وستعمل البلدان خلال الخمسة عشر سنة المقبلة واضعة نصب أعينها هذه الأهداف الجديدة التي تنطبق عالميا على الجميع على حشد الجهود للقضاء على الفقر بجميع أشكاله ومكافحة عدم المساواة ومعالجة تغير المناخ، مع ضمان اشتغال الجميع بتلك الجهود.

وقد بنيت أهداف التنمية المستدامة على نجاح أهداف التنمية المستدامة للألفية (MDGs)، وهي تهدف إلى المضي قُدماً لإنهاء كافة أشكال الفقر. والأهداف الجديدة متفردة من ناحية أنها تدعو جميع الدول الفقيرة، والغنية ومتوسطة الدخل إلى العمل لتعزيز الرفاهية في ذات الوقت الذي تحمي فيه الكون. كما أنها تقر بأن إنهاء الفقر يجب أن يمضي يد بيد مع الاستراتيجيات التي تبني النمو الاقتصادي وتعالج سلسلة من الحاجات الاجتماعية بما فيها التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وتوفير فرص العمل، في ذات الوقت الذي يتم فيه معالجة التغييرات المناخية والحماية البيئية.

تعتبر التنمية المستدامة مشروعاً مجتمعياً متكاملا وتعمل على تحقيق الأمن المجتمعي وذلك من خلال التركيز على المكونات الرئيسية وهي الأمن البيئي والأمن الاجتماعي والأمن الاقتصادي وذلك لحماية المجتمع من المخاطر البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تهدد أمنه واستقراره لذلك يتوجب على كافة أطياف المجتمع المشاركة فيه، كما ينبغي على جميع الحكومات وشركات ومؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني المشاركة والمساهمة في الارتقاء بمستوى المجتمعات، وذلك من خلال تبني مبادرات المسؤولية الاجتماعية التي تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة لتحقيق الازدهار والاستقرار وتوفير سبل العيش الكريم.

خالد السيد يكتب المسؤولية المجتمعية التنمية المستدامة خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة