مقالات

خالد السيد يكتب.. درء العقوبات بالشبهات

خط أحمر

من المبادئ العامة المقررة في الشريعة أن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة وهذا أصل ثابت ومبدأ سيق في حديث نبوي قال فيه رسول الله: "إن الإمام لئن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" ومعنى ذلك أنه قبل توقيع العقوبة والنيل من المسلم لا بد من التثبت من أن الجاني ارتكب الجريمة، وأن النص المجرم ينطبق على الجريمة وبحقه، فإن كان ثمة دفع جوهري أو ثمة شك في أن الجاني ارتكب الجريمة أو في انطباق النص المجرم على الفعل المنسوب للجاني وجب العفو عنه والحكم ببراءته، لأن براءة المجرم في حالة الشك خير للجماعة وأدعى إلى تحقيق العدالة من عقاب البريء مع الشك، وهذا ما وفرته الشريعة الإسلامية للمتهم من ضمانات على رأسها قاعدة "درء العقوبات بالشبهات" دون التقيد بنوع الجريمة ومقدار عقوبتها.

فكل متهم بحاجة للنظر فيما اتهم به من خلال هذه القاعدة حتى يكون في مأمن من الظلم والجور الذي تحاربه الشريعة الاسلامية في كافة صوره، إذ لا بد أن تكون الجناية متحققة، أي ثابتة بالأدلة الشرعية المعتبرة، ومن المقاصد الشرعية في العقوبات أن درء العقوبة بالشبهة مقدم على كل اتهام غير متيقن منه، فإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات فمن باب أولى أن تدأر التعزيرات بالشبهات، ومن المتفق عليه أن الأساس الذي تبنى عليه العقوبة التعزيرية عموماً هو نفس الأساس الذي تستند إليه الشريعة الإسلامية السمحاء في العقاب عامة وهو قوله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

ويقول شيخ الإسـلام ابن تيمية في كتابه السياسة الشرعية: ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم أن يكون قصده الرحمة ويكون بمنزلة الوالد إذا أدب ولده فهو يؤدبه رحمة وإصلاحاً لحاله وأن يكون بمنزلة الطبيب الذي يَسقى المريض الدواء الكريه، وقال ابن تيمية وابن القيم: فكان من حكمة الله سبحانه وتعالى ورحمته أن شرع العقوبات فأحكمها غاية الأحكام وشرعها على أكمل الوجوه المصلحة وليس في هذه العقوبات قسوة لأن العقاب ليس مقصود لذاته وليس هو أو وسائل الإصلاح ولهذا فإن العقوبة في الشريعة الإسلامية تلازم وجدان القاضي وضميره وشعوره وأصوله في القضاء وهي الرحمة والعدالة.

خالد السيد درء العقوبات بالشبهات خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة