مقالات

ثائر نوفل أبو عطيوي يكتب: القضية الفلسطينية ورَحَى التطبيع!

خط أحمر

التغيرات السياسية الاقليمية التي ألقت بظلالها على الواقع العربي من المحيط إلى الخليج ، والتي كانت مفاجأة للجميع ، نظراً للوتيرة المتسارعة التي امتازت بها ، عبر فتح باب التطبيع الرسمي والعلني مع الاحتلال الاسرائيلي ، الذي أحدث ربكة لا يستهان بها ، نظراً للأمر غير المتوقع من الدول العربية التي قامت بالتطبيع من جهة ، ونظراً للظروف الكاملة التي تعيشها القضية الفلسطينية من سطوة الاحتلال واستمرار الحصار وانعدام الأفق السياسي من خلال العودة للمفاوضات السلمية التي وأدتها "اسرائيل" منذ لحظة ميلادها في أوسلو ، ناهيك عن تداعيات الانقسام السياسي ، واختلاف المواقف واثار النزاع والشقاق من جهة أخرى.

ما لاشك فيه أن القضية الفلسطينية أصبحت بين مطرقة الاحتلال وقراراته المتلاحقة الجائرة بحق الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته من جهة ، وبين عصا الإدارة الأمريكية المنحازة جملةً وتفصيلا للاحتلال الاسرائيلي ، وهذا ما بات واضحاً بما يعرف في " صفقة القرن" ، والتي تنفي نفياً قاطعاً بالأحقية الفلسطينية المشروعة في اقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، وفقاً للقرارات الشرعية التي نصت عليها المواثيق الدولية.

التطبيع الرسمي القائم بين بعض الدول العربية ودولة الاحتلال الاسرائيلي في هذا التوقيت السياسي الحرج للقضية الفلسطينية ، يجعل الأمر أكثر تعقيداُ في التوصل لحلول تقود عملية الصراع إلى حل سياسي سلمي قائم على حل الدولتين ، وذلك نظراً للظروف المعقدة التي تعيشها القضية الفلسطينية وللتعنت الاسرائيلي والدعم الأمريكي له ، ونظراً لانشغالات بعض الدول العربية في سياساتها الخارجية وأخرى في حروبها الداخلية الطاحنة ، ناهيك عن فتح باب التطبيع العربي الاسرائيلي دون الرجوع إلى قواعد وأسس عملية تضمن للشعب الفلسطيني الحصول على حقوقه المشروعة بالحرية والاستقلال ، والذي تعتبر منطقياً ضمن أنصاف الحلول المقبولة، التي تقود في نهاية المطاف إلى انتزاع الحق الفلسطيني من مخالب المحتل.

حالة التطبيع القائمة بين بعض الدول العربية ودولة الاحتلال ، وفي حالة اخضاعها للمنطق المحايد والموضوعية المجردة الخالية من العواطف اللحظية الجياشة ، تعتبر شأناً خاصاً بهذه الدول التي تبقى الشقيقة رغم هرولة التطبيع غير المسبوقة والمتسارعة ، لأن هذه الدول وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته ، ولكن لكن دولة ظروفها وسياساتها في اطار رؤيتها للمواقف وأبعادها ، والتي تختلف عن رؤية الشعب الفلسطيني في ادارة العلاقات العربية مع الاحتلال ، والتي لا بد أن يكون حجر الأساس في بناء هذه العلاقات ، المطالبة العربية وبالإجماع بضرورة التوصل لحلول عملية وواقعية تسعى في نهاية المطاف لإيجاد حلاً عادلاً وشاملاً للقضية الفلسطينية.

اليوم ... وفي ظل التطبيع الرسمي بين بعض الدول العربية مع دولة الاحتلال الاسرائيلي ، وفتح علاقات واسعة المجالات ومتعددة الأشكال لخدمة التطبيع ، لا بد من هذه الدول الشقيقة أن تنظر بعين الأهمية والاعتبار ، وأن تكون كما عهدنا بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته ، من خلال عدم تقديم التطبيع بالمجان ودون مقابل ، الذي سعى إليه الاحتلال جاهداً ليجعل القضية الفلسطينية في معزل عن كينونتها العربية وامتدادها القومي للأمة وشعوبها من المحيط إلى الخليج ، بأن تقوم الدول العربية التي قامت بالتطبيع بتوجيه رسالة للاحتلال مفادها أن هناك شعباً عربياً شقيقاً اسمه الشعب الفلسطيني ، ويعول علينا وينتظر منا بفارغ الصبر الوطني الكلمة الحرة والقول الفصل من أجل إنهاء مأساته الممتدة عبر سنين طوال نتيجة الاحتلال الغاشم للأرض وللإنسان.

رسالتنا للدول العربية التي قامت بالتطبيع مع دولة الاحتلال ، كنا ولازلنا وسنبقى نعول عليكم وعلى عروبتكم ، ولازلنا نتمسك بالأمل من خلالكم ، ولازلنا المحافظين على قدسية الدم العربي الواحد ذات المصير والمشترك ، ولازلنا وسنبقى الواثقين دوماً في المد العربي والبعد القومي لقضيتنا الفلسطينية الممتدة من المحيط للخليج ، فلهذا رسالتنا للدول العربية الشقيقة التي قامت بالتطبيع مع دولة الكيان ، تتمثل في عنوانها الوطني ومفادها الانساني ، أن تقولوا للمحتل كفى.. ، فالشعب العربي الفلسطيني الشقيق من نيران وظلم الاحتلال وقهر أحلامه وتطلعاته قد ارتوى واكتفى .

ثائر نوفل أبو عطيوي القضية الفلسطينية ورَحَى التطبيع خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر