مع برودة أيام الخريف ليلا ، يبدأ القلق من نزلات البرد والأنفلونزا في التسرب إلى تفاصيل الحياة اليومية، ويتسابق الكثيرون نحو المكملات والمشروبات الساخنة الغنية بفيتامين سي، على أمل رفع المناعة خلال أيام قليلة. لكن الحقيقة، كما يؤكد الأطباء، أن جهاز المناعة لا يتقوّى بحبة فيتامين واحدة أو مشروب عشبي سحري، بل من خلال نظام حياة متكامل يبدأ من المائدة وينعكس على الجسد بأكمله.

وفقًا لتقرير نشره موقع daily mail، فإن نحو 70% من الخلايا المناعية تنشط داخل الأمعاء، ما يجعل التغذية المتوازنة هي الركيزة الأولى للمناعة القوية، وتوضح الدراسات أن العناصر الدقيقة مثل الزنك والحديد والمغنيسيوم والسيلينيوم وفيتامينات C وD وA تعمل معًا بتناغم كأوركسترا دفاعية، لا كعناصر منفصلة، وهذا ما يجعل تنويع الطعام أهم من التركيز على نوع واحد فقط.

لا توجد وصفة سحرية للوقاية من المرض، لكن هناك طريقًا واضحًا للحفاظ على جسدٍ قوي قادر على التعافي سريعًا، فاجعل طبقك متنوعًا، ونومك كافيًا، وعقلك مطمئنًا — وستجد أن جهازك المناعي هو انعكاس مباشر لعاداتك اليومية، لا لعدد المكملات التي تتناولها.

1. الزبادي والأطعمة المخمرة: قوة تبدأ من الداخل

ربما لا يخطر ببالنا أن صحة الجهاز الهضمي ترتبط مباشرة بقدرتنا على مقاومة العدوى، إلا أن الزبادي والمخللات الطبيعية، والجبن المعتّق، جميعها تحتوي على بكتيريا نافعة تُحسّن توازن ميكروبيوم الأمعاء. هذه الكائنات الدقيقة تساعد على تقوية الاستجابة المناعية وتقلّل الالتهابات التي تُضعف دفاعات الجسم.

تناول كوب من الزبادي كامل الدسم يوميًا يُعيد النشاط للجهاز الهضمي ويمنح المناعة قوة.

2. الأسماك الزيتية: ضوء الشمس في طبقك

في مواسم الغيوم، يقل إنتاج فيتامين D الذي يُعرف بـ"فيتامين أشعة الشمس". هذا الفيتامين أساسي لعمل الخلايا المناعية التي تتصدى للبكتيريا والفيروسات. وتُعدّ الأسماك الزيتية مثل السلمون والماكريل والسردين من أفضل مصادره الطبيعية، تناولها مرتين أسبوعيًا يمكن أن يقلل خطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي بنسبة ملحوظة، إضافة إلى دورها في الحفاظ على صحة القلب والعظام.

3. المحار والمكسرات: معدن الزنك في خدمة المناعة

الزنك هو المعدن الذي يمنح الجهاز المناعي "ذاكرة" قوية، فهو يساعد في إنتاج خلايا الدم البيضاء المسئولة عن التعرف على الفيروسات والتعامل معها بسرعة. المحار، والجوز، واللوز، والبذور بأنواعها، تشكل مصادر مثالية لهذا المعدن، حتى النقص البسيط في الزنك يمكن أن يجعل الجسم أكثر عرضة لنزلات البرد المتكررة، لذا يُنصح بإدخاله ضمن النظام الغذائي خاصة في فصل الشتاء.

4. الخضراوات الملونة والفواكه الحمضية: درع فيتامينات الطبيعة

الخضراوات الورقية، والفلفل الأحمر، والحمضيات مثل البرتقال والجريب فروت والكيوي، تُعدّ خزائن طبيعية لفيتامين سي. هذا الفيتامين لا يمنع المرض بالضرورة، لكنه يقلل مدته ويخفف أعراضه بفضل دوره في تسريع إنتاج خلايا المناعة وتقليل الالتهابات. تناول حصص يومية من هذه الأطعمة يضمن حصول الجسم على ما لا يقل عن 200 ملغ من فيتامين سي — وهي الكمية المثالية للحفاظ على نشاط المناعة.

5. البروتينات الغنية بالحديد: طاقة وخلايا دفاعية أقوى

الحديد ليس مجرد عنصر لبناء الدم، بل هو مسئول أيضًا عن كفاءة الجهاز المناعي. اللحوم الحمراء الخالية من الدهون، والفاصوليا، والعدس، والبيض، والفواكه المجففة مثل التين والمشمش، كلها مصادر غنية بهذا المعدن. وجود الحديد بكمية كافية يساعد على إنتاج خلايا دم سليمة قادرة على نقل الأكسجين لكل أجزاء الجسم، مما يدعم مقاومة العدوى ويقلل من الشعور بالتعب والخمول خلال الشتاء.

نمط الحياة

تؤكد دراسات متعددة أن النوم الجيد، وتقليل التوتر، وممارسة الحركة اليومية الخفيفة، عوامل لا تقل أهمية عن الغذاء. فالإجهاد المزمن والسهر الطويل يرفعان هرمونات التوتر التي تُضعف الجهاز المناعي حتى وإن كان الغذاء مثاليًا. لذا، فإن المناعة ليست فيتامينًا نبتلعه، بل أسلوب حياة متكامل يبدأ من الطبق، ويمتد إلى طريقة تنفسنا ونومنا وتوازننا النفسي.