قال الدكتور أسامة حمدي، الخبير في الشأن الإيراني، إن دخول كوريا الشمالية على خط الأزمة الإقليمية يمثل تحولًا استراتيجيًا في معادلة الصراع بين الشرق والغرب، مشيرًا إلى أن بيونغ يانغ لا تصدر مواقف إلا إذا أعقبتها تحركات فعلية على الأرض.
وأوضح في مداخلة هاتفية لبرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن التعاون بين إيران وكوريا الشمالية ليس جديدًا، بل يعود لعقود طويلة، لافتا إلى أن البرنامج النووي الإيراني، خاصة في نسخته الحديثة التي بدأت مع تأسيس الجمهورية الإسلامية في الثمانينيات، استفاد بدرجة كبيرة من التكنولوجيا والخبرات النووية الكورية الشمالية، سواء في تأسيس البنية التحتية أو في التخصيب باستخدام اليورانيوم منخفض التخصيب.

وأشار إلى أن هذا التحالف قديم ومتشعب، حيث دعمت كوريا الشمالية إيران بالسلاح خلال حربها مع العراق، في وقت كانت فيه طهران محاصرة دوليًا وغير قادرة على شراء الأسلحة من الغرب أو الاتحاد السوفيتي، مما دفعها للتوجه نحو باكستان، ليبيا، وسوريا، وكوريا الشمالية لتأمين احتياجاتها العسكرية.

وأضاف أسامة حمدي أن تحذيرات كوريا الشمالية مؤخرًا تمثل رسالة واضحة بخلق توازن ردع جديد في مواجهة التحالف الأمريكي الغربي، خاصة بعد تدخل الولايات المتحدة عبر إسقاط صواريخ إيرانية كانت في طريقها إلى تل أبيب، وتقديم دعم استخباراتي وميداني مباشر لإسرائيل.

وأكد أن التحركات الغربية، بقيادة واشنطن، تستهدف تقويض المعسكر الشرقي المتمثل في إيران وروسيا وكوريا الشمالية، من خلال إخراج إيران من معادلة التوازن الإقليمي، مما يُفسر حجم الضغط العسكري والسياسي الواقع عليها حاليًا.

وتابع قائلاً: "دخول كوريا الشمالية والصين وروسيا إلى جانب إيران، سواء علنًا أو من خلف الستار، يعيد تشكيل موازين القوى الدولية، ويؤسس لتكتل شرقي يريد كسر القطبية الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة".

ونوّه إلى أن الوضع الداخلي في إسرائيل يعاني من اضطراب كبير، حيث انهارت الجبهة الداخلية نتيجة فشل حكومة نتنياهو في تحقيق الأمن، وتزايد فترات البقاء في الملاجئ بسبب الضربات الصاروخية، مما يضعف الموقف السياسي والعسكري الإسرائيلي في الداخل والخارج.

وأشار أسامة حمدي إلى أن روسيا أكدت، على لسان الرئيس فلاديمير بوتين، أنها قدّمت دعمًا عسكريًا لإيران لا يخالف القوانين الدولية، كما ظهرت تقارير تشير إلى تسليم الصين طائرات شحن عسكرية لطهران، وهو ما يعزز فرضية الدعم الشرقي غير المعلن.

واختتم الدكتور أسامة حمدي حديثه بالتأكيد على أن الضربات الغربية ضد إيران تهدف إلى اختبار فعالية التكنولوجيا العسكرية الشرقية، المتمثلة في الصواريخ الباليستية التي طورتها إيران بدعم روسي وكوري شمالي، معتبرًا أن الصراع يتجاوز كونه إقليميًا، ليصبح مواجهة كبرى بين مشروعين عالميين: أحدهما يسعى لتكريس الهيمنة الأمريكية، والآخر يعمل على ترسيخ عالم متعدد الأقطاب.