لم أشاهد مسلسل "أزمة منتصف العمر" الذى أثيرت حوله ضجة "علي وسائل التواصل الاجتماعي، ولم أفكر فى البحث عن حلقاته على أى من الوسائل أو المنصات فامثالى والملايين من المهمومين بكد العيش، وهموم الحياة، ومتاعب العمل، وتوحش الغلاء وما يستجد علي جدول أعمال الحياة اليومية لم تعد تغريهم الأعمال الفنية الكوميدية أو التراجيدية تافهة المحتوى، هزيلة المضمون فى زمن افتقدنا فيه الفن الهادف، كما افتقدنا الكثير من القيم والثوابت.

أحداث المسلسل - كما قرأت لمن كتبوا عنه، وتناولوه بالنقد - تدور حول قصة عشق وجريمة زنا، وما أكثر هذه القصص فى واقعنا المرير أو أعمالنا الفنية التى باتت صور طبق الأصل لا تخلو من مشاهد البلطجة والعنف والأعمال المنافية للآداب ،ولكن كل ما أقتبسته من المسلسل هو ثلثى كلمات عنوانه لاستبدلهما بكلمتى "آخر العمر" بدلاً من منتصف العمر واستبقيت على كلمة أزمة وحولتها لأزمات لأن ما يمر به كبار السن في آواخر أيامهم وخواتيم حياتهم فى بلدنا المحروسة ليست أزمة بل هى أزمات تلاحقهم بعد انتصاف أعمارهم وحتى بلوغهم سن التقاعد.

أزمات آخر العمر يعانى منها موظفو الحكومة و القطاع الخاص الشرفاء بعدما تسربت سنوات أعمارهم فى دواوين الحكومة وطرقات الشركات الخاصة وهم يتقاضون فتات المرتبات، بضع جنيهات أو قله ألوف لا تكاد تكفى حوائجهم الخاصة ومتطلبات البيت والأولاد ناهيك عن روشتات العلاج بعدما تملكتهم الأمراض وأعراض الشيخوخة.

أزمات آخر العمر تتفاقم بعد بلوغ الستين فلم يعد ما يتقاضونه من "معاش" يكفى حاجاتهم أويسد رمقهم فى ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وكم نسمع صرخاتهم على صفحات التواصل الاجتماعى، ونتوجع لآناتهم.

أزمات آخر العمر افتعلتها الحكومات المتعاقبة التى تصر على معاملة المحالين للتقاعد كما تعامل خيولها العجائز بالإهمال والتنكر!.

أزمات آخر العمر مع المرضى منهم الذين يقاسون ويلات العذاب فى إدارات ومستشفيات التأمين الصحى التى تتجاهل آدميتهم بسوء المعاملة والاستقبال وتركهم على أبواب المستشفيات بلا رعاية ودون إهتمام أو يتركونهم فى طوابير صرف العلاج ولا يصرفون لهم سوي بضع أقراص لاتجدى مع أمراضهم المستعصية ولا تفيد في امراضهم المعدية!

أزمات آخر العمر مع جحود بعض الأبناء وقد سمعنا وقرأنا وشاهدنا الكثير من جرائم جحود الأبناء -لعنهم الله - وتأثرنا بقصص بعض الآباء مع أبنائهم، والحمد لله أكرمنا الله بالذرية الصالحة وعافانا مما إبتلى به غيرنا.

أزمات آخر العمر لم ولن تنتهى طالما ظلت الحكومة تتجاهل كبارنا وتتغافل عنهم وهم الذين أفنوا أعمارهم فى العمل وتربية الأبناء، ولن يطمئن كبارنا إلا بأبنائهم الذين يزرع الله فى قلوبهم البر بالوالدين، والاحسان لذوى القربى.

أزمات آخر العمر لا يعرفها ولن يشعر بها إلا أمثالهم .