الصوم في معناه الحقيقي هو تصويم اللسان عن الشر ، والعين عن رؤية المحرمات ، واليد عن السرقة والأذن عن سمع كل ما هو رديء ومنكر .. والفكر عن كل ما هو باطل ، فقبل أن يكون الصوم صوما عن الطعام ، يجب وبالضرورة أن يكون صوما للفكر والإرادة والحواس عن الآثام والشرور والمعاصي ، وبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك ، وهو من الأشهر المحببة إلى قلبي كمسيحي مصري ، ففي رمضان يصوم كثير من المسيحيين عن الطعام ومنهم أنا حتى يضرب مدفع الإفطار ،خاصة وإن كانوا في مكان يعملون فيه مع إخوتهم المسلمين مراعاة لمشاعرهم ، كما أن مظاهر البهجة وصلة الرحم بين الناس والألفة والمحبة والتسابق إلى فعل الخير والبر والإحسان بالفقراء والمعوذين من خلال الموائد الرمضانية في هذا الشهر الكريم فضائل تسمو بالنفس والروح ، ، وفي ذات الوقت أرى أن هناك بعض المظاهر التي تصل لحد الجرائم ترتكب وعن عمد في شهر كتب فيه على المؤمنين الصيام ، وهي مظاهر لا تليق أبدا بهذا الشهر الكريم وقدسيته ووقاره ،ولعل من أبشع هذه الجرائم التي تصل إلى حد الموبقات بعض الأعمال الدرامية والبرامج التي لا اكون مبالغا إذا وصفتها ب ( المنحطة ) والتي استطاع القائمين عليها أن يجعلوا من هذا الشهر المبارك كمنصة ونافذة يلقون من خلالها في نفوس المشاهدين القبح والإنحطاط والسفالة والوقاحة والبلطجة ، بدليل ما شاهدناه هذا الشهر المبارك من برامج للمقالب تلقى فيها على أذان الأطفال والمشاهدين ألفاظ بذيئة خارجة وقحة ، وبعض وما رأيناه في بعض المسلسلات التي تدخل البيوت - في شهر كتب فيه على المؤمنين الصيام لكي يتقو الله ، خير تقاته - من مشاهد فجة ينضح منها القبح والإنحلال والعري والسكر والمنكر بكل ما تحمله الكلمة من معنى !!! بالذمة هل هذا يليق بشهر مبارك وكريم ؟!!!

وبمناسبة بعض المسلسلات الهابطة التي تعرضها الفضائيات في هذا الشهر الكريم ، أود أن احيي هنا الأستاذة نجيبة المحجوب رئيس مجلس إدارة جريدة البيان ،لأنها اطلقت حملة مؤخرا عبر مقال صحفي شعارها " خليها تفشل " تدعو فيها الجماهير المصرية والعربية لمقاطعة الأعمال الفنية التي تعرض الفاظا متدنية وعبارات مبتزلة في هذا الشهر الكريم وقد لاقت الحملة قبولا واسعا لدى كثير من المصريين والعرب ، كما أحيي أيضا الداعية السلفي سامح عبد الحميد لإعلانه التصدي لمثل هذا الهراء ، والحق أقول ن من ساهم في توحش هذه النوعية من المسلسلات والبرامج الهادفة للربح الرخيص هو الغياب التام لدور الدولة ، كما أن الغياب شبه التام للأعمال للمسلسلات الدينية والتاريخية جريمة ، وفي شهر رمضان المبارك

أقول لنفسي ولكل صائم : أخي الصائم يجب أن تعلم أن الله يريد تصويم حواسك و قلبك قبل بطنك ، فالصوم الظاهري ليس صوما .. ، الصوم الحقيقي هو إتقاء الله في السر والعلن ، فتبسمك في وجه اخيك صدقة في شهر رمضان ، وعملك بإتقان صوم ، وهجرك للمسلسلات والبرامج الهابطة صوم .. وحبك لإخوتك في الإنسانية صوم .. وحبك لوطنك صوم ..و تكريمك للمرأة صوم وهجرك للفساد صوم .. ولما تشوف مريض بياخد دواء في الشارع لأنه مريض ومتركبكش الزربونة فهذا أيضا صوم ..

أخي وحبيبي المسلم ضع امامك قول القرآن الكريم في سورة مريم عن العذراء مريم : ( فقولي إني نذرت للرحمن صوما ) ، وأعلم جيدا أن صلاتك التي تصليها في رمضان إن لم تكن بقلب نقي وبلا رياء فلا صلاة لك ،بل تزيدك عن الله بعدا ، وهذا ما يؤكده الرسول عليه السلام في الحديث الشريف عندما قال ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلن يزدد إلا بعدا عن الله )

ويقول الله تعالى في القرآن الكريم للرسول الكريم : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) ، اخي المسلم كل عام وانت بخير ، وأعاد الله هذا الشهر الكريم على المصريين جميعا والعالم بالخير والبركات والسلام والأمن