كشف محمد عبد المنعم، مالك دار سما للنشر، عن القيمة الحقيقية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في ظل انتشار السوشيال ميديا وتغير أنماط القراءة، مؤكدًا أن ذوق القارئ لم يتغير بقدر ما فرضت الظروف الاقتصادية نفسها على حركة الشراء، مشددًا على أن المعرض ما زال يحتفظ بمكانته الثقافية المرموقة محليًا ودوليًا.

وأوضح عبد المنعم خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن معرض القاهرة للكتاب يعد ظاهرة ثقافية عالمية، ويأتي في مرتبة متقدمة بين أكبر معارض الكتب في العالم، مشيرًا إلى أن بعض المعارض الدولية، مثل معرض فرانكفورت، تركز على الجوانب المهنية وحقوق الترجمة، بينما يتميز معرض القاهرة بكونه سوقًا ثقافيًا حيًا للتداول والتفاعل المباشر مع الجمهور.

وأشار إلى أن دورة المعرض الحالية شهدت قيمة مضافة واضحة، خاصة في البرنامج المهني وملف حقوق الترجمة، فضلًا عن المشاركة الواسعة لدور النشر، مؤكدًا أن أهمية المعرض تنبع من عنصرين أساسيين: حرص دور النشر على المشاركة، والإقبال الجماهيري الكبير.

وفيما يتعلق بتأثير السوشيال ميديا، أوضح عبد المنعم أن تأثيرها ليس سلبيًا على الحضور، بدليل ارتفاع عدد الزوار إلى نحو خمسة ملايين زائر في الدورات الأخيرة، مقارنة بثلاثة أو أربعة ملايين في السابق، ما يؤكد أن الإقبال الجماهيري في تزايد مستمر.

وأضاف أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عدد الزوار، وإنما في تراجع حجم المبيعات، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤل جوهري حول دور المعرض: هل ما زال قادرًا على صناعة كاتب وتقديم فكر جديد أم تحول إلى مجرد سوق للبيع؟ مؤكدًا أن توقف المعرض عن صناعة الوعي يعني نهاية دوره الثقافي.

وأكد أن المعرض لا يزال يؤدي هذا الدور، خاصة مع وجود نسبة كبيرة من دور النشر المستقلة التي تمثل نحو 80% من المشاركين، رغم ما تواجهه من تحديات مقارنة بدور النشر الكبرى.

وشدد مالك دار سما على أن صناعة النشر ليست تجارة بالمعنى الضيق، بل هي صناعة دقيقة ومسؤولة عن تشكيل الوعي وبناء العقول، موضحًا أن التقييم الحقيقي للناشر لا يكون بحجم المبيعات فقط، بل بنوعية المحتوى الذي يقدمه، وهل يضيف قيمة ثقافية حقيقية أم يكتفي بمحتوى ترويجي سطحي.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن المحتوى الجيد يفرض نفسه، ويسهم في بناء الإنسان وتشكيل وعيه، بينما يظل الرهان الحقيقي على قدرة الناشرين على تحقيق التوازن بين الاستدامة الاقتصادية والدور الثقافي التنويري.